الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
اشترى ثورا أو فرسا من خزف لأجل استئناس الصبي باب المتفرقات جرت عادتهم أن المسائل التي تشذ عن الأبواب المتقدمة فلم تذكر فيها يجمعونها بعد، ويسمونها بهذه الأسماء ط (قوله بمسائل منثورة) شبهت بالمنثور من الذهب أو الفضة لنفاستها، وهو بالرفع على الحكاية ط ويجوز الجر (قوله من خزف) أي طين قال ط: قيد به لأنها لو كانت من خشب أو صفر جاز اتفاقا فيما يظهر لإمكان الانتفاع بها وحرره ا هـ. وهو ظاهر (قوله ولا يضمن متلفه) كأنه لأنه آلة لهو ولا يقال فيها نحو ما قيل في عود اللهو من أنه يضمن خشبا لا مهيأ على أحد القولين، لأنه لا قيمة لهذه الأشياء إذا قطع النظر عن التلهي بها ط (قوله وقيل بخلافه) يشعر بضعفه مع أن المصنف نقله عن القنية، وفي القنية لم يعبر عنه بقيل بل رمز للأول ثم للثاني (قوله عن أبي يوسف) أي ناقلا عن أبي يوسف، وظاهره أنه قوله لا رواية عنه حتى يقال: إن هذا يشعر بضعفه ونسبته إلى أبي يوسف لا تدل على أن الإمام يخالفه لاحتمال أن يكون له في المسألة قول فافهم (قوله ولو عقورا) فيه كلام يأتي (قوله والفيل) هذا بالإجماع لأنه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق فكان مالا بحر عن البدائع أي ينتفع به للقتال والحمل وينتفع بعظمه (قوله والقرد) فيه قولان كما يأتي (قوله والسباع) وكذا يجوز بيع لحمها بعد التذكية لإطعام كلب أو سنور، بخلاف لحم الخنزير لأنه لا يجوز إطعامه محيط لكن على أصح التصحيحين من أن الذكاة الشرعية لا تطهر إلا الجلد دون اللحم لا يصح بيع اللحم شرنبلالية (قوله حتى الهرة) لأنها تصطاد الفأر والهوام المؤذية فهي منتفع بها فتح (قوله وكذا الطيور) أي الجوارح درر (قوله علمت أو لا) تصريح بما فهم من عبارة محمد في الأصل، وبه صرح في الهداية أيضا لكن في البحر عن المبسوط، أنه لا يجوز بيع الكلب العقور الذي لا يقبل التعليم في الصحيح من المذهب، وهكذا نقول في الأسد إن كان يقبل التعليم، ويصطاد به يجوز بيعه، وإلا فلا والفهد والبازي يقبلان التعليم، فيجوز بيعهما على كل حال ا هـ. قال في الفتح: فعلى هذا لا يجوز بيع النمر بحال لأنه لشراسته لا يقبل التعليم، وفي بيع القرد روايتان ا هـ. وجه رواية الجواز وهو الأصح زيلعي أنه يمكن الانتفاع بجلده، وهو وجه ما في المتن أيضا وصحح في البدائع عدم الجواز لأنه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للتلهي به وهو حرام ا هـ. بحر. قلت: وظاهره أنه لولا قصد التلهي به لجاز بيعه، ثم إنه يرد عليه ما ذكره الشارح عن شرح الوهبانية من أن هذا لا يقتضي عدم صحة البيع بل كراهته. والحاصل: أن المتون على جواز بيع ما سوى الخنزير مطلقا وصحح السرخسي التقييد بالمعلم منها (قوله لا ينبغي اتخاذ كلب إلخ) الأحسن عبارة الفتح، وأما اقتناؤه للصيد وحراسة الماشية والبيوت والزرع، فيجوز بالإجماع لكن لا ينبغي أن يتخذه في داره إلا إن خاف لصوصا أو أعداء للحديث الصحيح: «من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان» (قوله خرء حمام كثير) لعل المراد به ما تبلغ قيمته فلسا فإنه أقل قيمة المبيع ط، ومثل الحمام بقية الطيور المأكولة لطهارة خرئها، وتقدم في البيع الفاسد جواز بيع سرقين وبعر، ولو خالصين والانتفاع به والوقود به وبيع رجيع الآدمي لو مخلوطا بتراب (قوله لا يجوز) أي إذا لم تبلغ قيمتها فلسا (قوله والقنافذ) جمع قنفذ بضم الفاء وتفتح مصباح، وذكره في القاموس في الدال المهملة والذال المعجمة (قوله والوزغ) هو سام أبرص (قوله وكل ما فيه) أي في البحر (قوله سوى سمك) عبارة البحر عن البدائع إلا السمك وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه ا هـ. (قوله بيع ما له ثمن) في الشرنبلالية عن المحيط يجوز بيع العلق في الصحيح لتمول الناس، واحتياجهم إليه لمعالجة مص الدم من الجسد ا هـ. قلت: وعليه فيجوز بيع دودة القرمز، لأنها من أعز الأموال وأنفسها في زماننا وينتفع بها خلافا لمن أفتى بأنه لا يجوز بيعها ولا يضمن متلفها كما حررناه في البيع الفاسد (قوله كسقنقور) حيوان مستقل وقيل بيض التماسيح إذا فسد ويكبر طول ذراعين على أنحاء السمكة وتمامه في تذكرة الشيخ داود (قوله وجلود خز) الخز اسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها مصباح (قوله لو حيا) عبارة البحر عن القنية قيل يجوز حيا لا ميتا إلخ. مطلب في التداوي بالمحرم (قوله ورده في البدائع إلخ) قدمنا في البيع الفاسد عند قوله ولبن امرأة أن صاحب الخانية والنهاية اختارا جوازه إن علم أن فيه شفاء ولم يجد دواء غيره قال في النهاية: وفي التهذيب يجوز للعليل شرب البول والدم والميتة للتداوي إذا أخبره طبيب مسلم أن فيه شفاءه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه، وإن قال الطبيب يتعجل شفاؤك به فيه وجهان، وهل يجوز شرب العليل من الخمر للتداوي فيه وجهان، وكذا ذكره الإمام التمرتاشي وكذا في الذخيرة وما قيل إن الاستشفاء بالحرام حرام غير مجرى على إطلاقه وأن الاستشفاء بالحرام إنما لا يجوز إذا لم يعلم أن فيه شفاء أما إن علم وليس له دواء غيره يجوز ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم يحتمل أن يكون قال ذلك في داء عرف له دواء غير المحرم لأنه حينئذ يستغني بالحلال عن الحرام ويجوز أن يقال تنكشف الحرمة عند الحاجة فلا يكون الشفاء بالحرام وإنما يكون بالحلال ا هـ. نور العين من آخر الفصل التاسع والأربعين (قوله أي متنجس) احترز به عن دهن الميتة والخنزير ا هـ. ح (قوله وينتفع به للاستصباح) عطف علة على معلول ط، لأن الانتفاع به علة جواز البيع (قوله كما مر) أي في باب الأنجاس لكن عبارته هناك، ولا يضر أثر دهن إلا دهن ودك ميتة لأنه عين النجاسة، حتى لا يدبغ به جلد بل يستصبح به في غير مسجد ا هـ. وقدمنا هناك تأييد ما هنا بالحديث الصحيح، وقدمنا ذلك أيضا في البيع الفاسد (قوله غير الخمر والخنزير إلخ) فإنا نجيز بيع بعضهم بعضا لخصوص فيه من قول عمر رضي الله تعالى عنه أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج حضر عمر بن الخطاب، واجتمع إليه عماله فقال يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في الجزية الميتة والخنزير والخمر فقال بلال: أجل إنهم يفعلون ذلك فقال فلا تفعلوا، ولكن ولوا أربابها بيعها ثم خذوا الثمن منهم ولا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم فتح (قوله وميتة إلخ) هذا زاده ابن الكمال وصاحب الدرر استدراكا على الهداية بأن المستثنى غير محصور بالخمر والخنزير واستدرك أيضا في النهر شراؤه عبدا مسلما أو مصحفا. قلت: هذا إنما يظهر أن لو كان التشبيه في قولهم: والذمي كالمسلم إلخ من جهة الحل والحرمة والظاهر أنه من جهة الصحة والفساد لأن الصحيح من مذهب أصحابنا أن الكفار مخاطبون بشرائع، وهي محرمات، فكانت ثابتة في حقهم أيضا، فلو كان التشبيه من جهة الحل والحرمة لم يصح استثناء شيء، فتعين ما قلنا وحينئذ فلا يدخل الجبر على البيع في التشبيه حتى يصح استثناؤه ولذا غاير المصنف في التعبير فقال: وصح شراؤه عبدا إلخ، ثم هذا على رواية أن بيع ما لم يمت حتف أنفه صحيح بينهم، وفي رواية أنه فاسد بخلاف ما مات حتف أنفه فإن بيعه باطل فيما بيننا وبينهم، كما مر أول البيع الفاسد.مطلب أمرنا بتركهم وما يدينون (قوله وقد أمرنا بتركهم وما يدينون) كذا في الهداية وقال دل عليه قول عمر: ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ا هـ. وأشار به إلى أن إعراضنا عنهم، ليس لكونها مباحة شرعا في حقهم كما هو قول البعض، بل الحرمة ثابتة في حقهم في الصحيح، لأنهم مخاطبون بها كما قلنا لكنهم لا يمنعون من بيعها، لأنهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها وقد أمرنا بتركهم وما يدينون كما في البحر عن البدائع، لكن الأولى الاستدلال بأن هذا مخصوص بالأثر المنقول عن عمر كما مر، وإلا ورد عليه أنه لو اعتقدوا حل ما مات حتف أنفه أن يصح بيعه، مع أنهم لو ارتفعوا إلينا نحكم ببطلانه وأيضا لو اعتقدوا حل السلم أو الصرف أو نحوهما، بدون شروطه المعتبرة عندنا نحكم بينهم بشرعنا إلا في الخمر والخنزير فعقدهم عليهما كعقدنا على الشاة والعصير، وفي البحر عن حدود القنية ويمنع الذمي عما يمنع المسلم إلا شرب الخمر فإن غنوا وضربوا العيدان منعوا كالمسلمين لأنه لم يستثن عنهم ا هـ. قال في النهر: ويرد عليه أنه لا يمنع من لبس الحرير والذهب بخلاف المسلم ا هـ. (قوله ويجبر على بيعه) ولو اشتراه من كافر مثله شراء فاسدا أجبر على رده لأن دفع الفساد واجب حقا للشرع ثم يجبر البائع على بيعه بحر (قوله أجبر وليه) وينبغي أن عقد الصغير في هذا لا يتوقف على الإجارة نهر: أي لعدم فائدته لأنه إذا أجازه وليه أجبر أيضا على بيعه، وقد يقال إنه قد يسلم قبل إجبار وليه فيبقى على ملكه فكان للإجازة فائدة (قوله وكذا لو أسلم عنده) في بعض النسخ عبده بالباء بدل النون وأفاد أنه لا فرق بين كون العبد مسلما وقت الشراء أو بعده (قوله ويتبعه طفله) أي لو أسلم وله ولد غير بالغ يتبعه في الإسلام والإجبار على بيعه معه (قوله فإن عجز) أي المكاتب (قوله أجبر) أي الكافر على بيعه ومفهومه أنه لا يجبر ما دام عقد الكتابة وهو ظاهر، لأن المكاتب لا يجوز بيعه (قوله من عادته شراء المردان) عبارة النهر عن المحيط الفاسق المسلم إذا اشترى عبدا أمرد وكان من عادته اتباع المرد أجبر على بيعه دفعا للفساد ا هـ. وعن هذا أفتى المولى أبو السعود بأنه لا تسمع دعواه على أمرد، وبه أفتى الخير الرملي والمصنف أيضا (قوله يؤمر بإرساله) ولا يصح بيعه ومر بيان ذلك كله في الحج (قوله ولو أسلم مقرض الخمر سقطت) لتعذر قبضها فصار هلاكها مستندا إلى معنى فيها، وفي البيع لو أسلما أو أحدهما قبل القبض انتقض البيع أي ثبت حق الفسخ لتعذر القبض بالإسلام، فصار كما لو أبق المبيع وتمامه في البحر (قوله فراويتان) أي عن الإمام في رواية تسقط، وفي رواية عليه قيمتها، وهو قول محمد لتعذره لمعنى من جهته بحر (قوله التي أنكحها المشتري إلخ) أي إذا اشترى أمة وزوجها لرجل قبل قبضها من البائع فوطئها الزوج صار المشتري قابضا قوله فصار فعله) أي الزوج كفعله أي المشتري (قوله استحسانا) والقياس أن يكون قبضا لأنه تعييب حكمي؛ ألا ترى أنه لو وجد المشتراة مزوجة يردها بالعيب، وجه الاستحسان أنه لم يتصل بها فعل حسي من المشتري والتزويج فعل تعييب حكمي بمعنى تقليل الرغبات فيها كنقصان السعر، وتمامه في النهر (قوله فلو انتقض البيع) أي بنحو خيار عيب أو فساد (قوله بطل النكاح) لأن البيع متى انتقض قبل القبض انتقض من الأصل فصار كأن لم يكن فكان النكاح باطلا بحر (قوله وقيده الكمال) لم يقيده الكمال من عنده بل قال وقيد القاضي الإمام أبو بكر بطلان النكاح إلخ فلو قال الشارح وقيده القاضي أبو بكر لكان أصوب ولسلم عزوه في آخر العبارة إلى الفتح من الاستدراك (قوله بطلانه) أي البيع (قوله فيلزمه المهر للمشتري فتح) لم أجد هذه العبارة في الفتح بل ذكرها في النهر، ونقل محشي مسكين عن شيخه أنه لم يجدها في النهاية ولا في العناية والبحر. ونقل عن الشيخ شاهين أنه وجدها في المعراج ثم استشكلها بأنه كيف تكون هالكة من مال البائع ويكون المهر للمشتري فهو مخالف لقولهم: الغرم بالغنم ا هـ. قلت: عدم بطلان النكاح دليل على أن بطلان البيع مقتصر على وقت الموت فلم يصر العقد كأن لم يكن، فيظهر أن النكاح كان على ملك المشتري فيستحق المهر تأمل، وانظر ما قدمناه في البيع الفاسد قبيل قوله ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما (قوله إذا العقار لا يبيعه القاضي) في بعض النسخ لا يبيعه إلا القاضي بزيادة إلا، والصواب الأول، وهو الموجود في النهر وكذا في البحر عن النهاية وجامع الفصولين. وعبارة جامع الفصولين: جاز للقاضي بيع المبيع وإبقاء الثمن لو كان منقولا لا لو عقارا ا هـ. (قوله قبل القبض) فلو غاب بعده لا يبيعه القاضي لأن حقه غير متعلق بماليته بل بذمة المشتري، وقيده في جامع الفصولين بما إذا لم يخف عليه التلف فإن خيف جاز له البيع حيث قال للقاضي إيداع مال غائب ومفقود، وله إقراضه وبيع منقوله إذا خيف تلفه ولم يعلم مكان الغائب لا لو علم ا هـ. وينبغي أن يقال: إن خوف التلف مجوز للبيع علم مكانه أو لا، وقدمنا نحوه في خيار الشرط فارجع إليه نهر (قوله غيبة معروفة) بأن كانت البلدة التي خرج إليها معرفة وإن بعدت نهر (قوله فأقام بائعه بينة إلخ) ليست البينة هنا للقضاء على الغائب، بل لنفي التهمة وانكشاف الحال كما في الزيلعي، فلا يحتاج إلى خصم حاضر لأن العبد في يده وقد أقر به للغائب على وجه يكون مشغولا بحقه بحر. قال في جامع الفصولين: الخصم شرط لقبول البينة لو أراد المدعي أن يأخذ من يد الخصم الغائب شيئا، أما إذا أراد أن يأخذ حقه من مال كان للغائب في يده فلا يشترط ولا يحتاج لوكيل كهذه المسألة، وكذا لو استأجر إبلا إلى مكة ذاهبا أو جائيا ودفع الكراء ومات رب الدابة في الذهاب فانفسخت الإجارة فله أن يركبها ولا يضمن، وعليه أجرتها إلى مكة فإذا أتاها ورفع الأمر إلى القاضي فرأى بيعها ودفع بعض الأجر إلى المستأجر جاز، وعلى هذا لو رهن المديون وغاب غيبة منقطعة فرفع المرتهن الأمر إلى القاضي ليبيع الرهن ينبغي أن يجوز كما في هاتين المسألتين ا هـ. وأقره في البحر (قوله أنه باعه منه) وأنه لم ينقد إليه الثمن نهر وفتح. مطلب للقاضي إيداع مال غائب وإقراضه وبيع منقوله إلخ (قوله باعه القاضي أو مأموره) ولو أذن له بأن يؤجر الدابة ويعلفها من أجرها جاز كما في جامع الفصولين، وظاهر كلامهم أن البائع لا يملك البيع بلا إذن القاضي، فإن باع كان فضوليا، وإن سلم كان معتديا والمشتري منه غاصب بحر، قلت: وفي الولوالجية: اشترى لحما فذهب ليجيء بالثمن فأبطأ فخاف البائع أن يفسد يسع البائع بيعه لأن المشتري يكون راضيا بالانفساخ، فإن باع بزيادة تصدق بها أو بنقصان وضع على المشتري وهذا نوع استحسان ا هـ. وبه علم أن ما يسرع فساده لا يتوقف على القاضي لرضاه بالانفساخ، بخلاف غيره فإن القاضي يبيعه على ملك المشتري ولذا كان الفضل له والنقص عليه (قوله نظرا للغائب) أي وللبائع لأن البائع يصل به إلى حقه ويبرأ عن ضمانه والمشتري أيضا تبرأ ذمته من دينه ومن تراكم نفقته بحر. [فرع] في جامع الفصولين: سئل نجم الدين عمن وهبه أمير أمة فأخبرته أنها لتاجر قتل فأخذت وتداولتها الأيدي حتى وصلت إليه ولا يجد وارث القتيل ويعلم أنه لو خلاها ضاعت لو أمسكها يخاف الفتنة: فأجاب للقاضي بيعها من ذي اليد، فلو ظهر المالك كان له على ذي اليد ثمنها (قوله وإن اشترى اثنان شيئا) أي اشتريا عبدا صفقة واحدة كما عبر في الجامع الصغير لقاضي خان (قوله وغاب واحد منهما) أي بحيث لم يدر مكانه نهر، وقيد به لأنه لو كان حاضرا يكون متبرعا بالإجماع لأنه لا يكون مضطرا في إيفاء الكل، إذ يمكنه أن يخاصمه إلى القاضي في أن ينقد حصته ليقبض نصيبه فتح (قوله ويجبر إلخ) الظاهر أن هذا لو المبيع غير مثلي، أما المثلي كالبر ونحوه مما يمكن قسمته فلا جبر على دفع الكل ولذا صوروا المسألة بالعيد كما ذكرنا تأمل (قوله وله) أي للحاضر قبضه أي قبض كل المبيع (قوله حتى ينقد شريكه الثمن) أي ثمن حصته إذا كان الثمن حالا. وفي ط عن الواني: النقد في الأصل تمييز الجيد من الرديء من نحو الدراهم ثم استعمل في معنى الأداء (قوله بخلاف أحد المستأجرين) لو غاب قبل نقد الأجرة فنقد الحاضر جميعها كان متبرعا لأنه غير مضطر، إذ ليس للمؤجر حبس الدار لاستيفاء الأجرة ذكره التمرتاشي نهر، وهذه الأحكام المذكورة من دفع الثمن وجبر البائع ودفع الكل والقبض والحبس مذهبهما. وخالف أبو يوسف في جميعها ط. مطلب في العلو إذا سقط (قوله فكان مضطرا) فصار كمعير الرهن إذا أفلس الراهن وهو المستعير أو غاب فإن المعير؛ إذا افتكه بدفع الدين يرجع على الراهن لأنه مضطر فيه وكصاحب العلو إذا سقط السفل كان له أن يبني السفل إذا لم يبنه مالكه بغير أمره ليتوصل به إلى بناء علوه ثم يرجع عليه ولا يمكنه من دخوله ما لم يعطه ما صرفه وتمامه في الفتح (قوله اللهم إلخ) بحث لصاحب النهر (قوله لعدم الأولوية) لأنه أضاف المثقال إليها على السواء فيجب من كل واحد منهما نصفه ويشترط بيان الصفة من الجودة وغيرها، بخلاف ما إذا قال بألف من الدراهم والدنانير حيث لا يشترط بيان الصفة وينصرف إلى الجياد نهر (قوله وانصرف للوزن المعهود إلخ) فإن المعهود وزن الذهب بالمثاقيل ووزن الفضة بالدراهم، فهو كما لو قال بألف من الدراهم والدنانير (قوله وهذه قاعدة إلخ) الإشارة إلى ما ذكره المصنف: أي أن قوله باع بألف مثقال إلخ ليس البيع قيدا في ذلك وكذا الموزون، بل مثله المكيل ونحوه كما لو أقر له برطل من سمن وعسل وزيت أو بمائة من بيض وجوز وتفاح أو بمائة ذراع من كتان وإبريسم وخز يلزمه من كل ثلث (قوله وزن سبعة) أي العشرة من الدراهم وزن سبعة مثاقيل كل درهم أربعة عشر قيراطا ا هـ. ط. مطلب فيما ينصرف إليه اسم الدراهم (قوله وأفاد الكمال إلخ) اعلم أنه وقع اشتباه في موضعين بالنظر إلى العرف الحادث الأول فيما ينصرف إليه اسم الدرهم والثاني في قيمته، فذكر في الفتح أن انصراف الدراهم إلى وزن سبعة إذا كان متعارفا في بلد العقد. وأما في عرف مصر فلفظ الدرهم ينصرف الآن إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس إلا أن يعقد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة. وأخذ منه في البحر أن الواقف بمصر أو شرط دراهم للمستحق ولم يقيدها ينصرف إلى الفلوس النحاس وإن قيدها بالنقرة ينصرف إلى الفضة واعترضه في النهر بأن ما في الفتح حكاية عما في زمنه ولا يلزم منه كون كل زمن كذلك، فالذي ينبغي أن لا يعدل عنه اعتبار زمن الواقف إن عرف وإلا صرف إلى الفضة لأنه الأصل ا هـ. الموضع الثاني قال في النهر: وأما قيمة كل درهم منها فقال في البحر بعدما أعاد المسألة في الصرف قد وقع الاشتباه في أنها خالصة أو مغشوشة وكنت قد استفتيت بعض المالكية عنها، يعني به علامة عصره ناصر الدين اللقاني، فأفتى أنه سمع ممن يوثق به أن الدرهم منها يساوي نصفا وثلاثة من الفلوس، قال فليعول على ذلك ما لم يوجد خلافه ا هـ. وقد اعتبر ذلك في زماننا لأن الأدنى متيقن به، وما زاد عليه فهو مشكوك فيه، ولكن الأوفق بفروع مذهبنا وجوب درهم وسط لما في جامع الفصولين من دعوى النقرة لو تزوجها على مائة درهم نقرة ولم يصفها صح العقد، ولو ادعت مائة درهم مهرا وجب لها مائة وسط ا هـ. فينبغي أن يعول عليه ا هـ. ورأيت في فتاوى بعض الشافعية أن قيمته باعتبار المعاملة نصف وثلث وأنت قد علمت أن القيمة تختلف باختلاف الأزمان، ولا شك في اختلاف أزمنة الواقفين فينبغي اعتبار زمن الواقف والله تعالى الموفق ا هـ. قلت: وفي زماننا وقبله بمدة مديدة ترك الناس التعامل بلفظ الدرهم، وإنما يذكرون لفظ القرش وهو اسم لأربعين نصف فضة، وهذا يختلف باختلاف الزمان، فينظر إلى قرش زمن الواقف أيضا. (قوله فقيمة درهمها نصفان) هذا ذكره في النهر بعدما حرر المقام، والظاهر أن مراده أن ذلك كان في زمن الواقف فلا ينافي ما حرره قبله (قوله أن النقرة تطلق إلخ) إطلاقها على الفلوس عرف حادث. ففي المغرب: النقرة القطعة المذابة من الذهب أو الفضة (قوله فلا بد من مرجح) وذلك كأن يعلم ما كانت تطلق عليه في زمن الواقف أو يكون قيدها بشيء فافهم (قوله الاستيمارات القديمة) أي التصرفات أو العطايا أو الدفاتر أو نحوها، مأخوذة من استمر الشيء إذا دام، والمراد أنه ينظر إلى ما جرى عليه التعامل من قديم الزمان فيتبع (قوله ولو قبض زيفا) أي رديئا وهو من الوصف بالمصدر، لأنه يقال زافت الدراهم تزيف زيفا من باب سار أي ردأت ثم وصف به فقيل درهم زيف ودرهم زيوف كفلس وفلوس، وربما قيل زائف على الأصل كما في المصباح. مطلب في النبهرجة والزيوف والستوقة وفي التتارخانية الدراهم أنواع أربعة: جياد، ونبهرجة، وزيوف، وستوقة. واختلفوا في تفسير النبهرجة، قيل هي التي تضرب في غير دار السلطان والزيوف: هي المغشوشة. والستوقة: صفر مموه بالفضة. وقال عامة المشايخ: الجياد فضة خالصة تروج في التجارات وتوضع في بيت المال. والزيوف ما زيفه بيت المال: أي يرده، ولكن تأخذه التجار في التجارات لا بأس بالشراء بها، ولكن يبين للبائع أنها زيوف. والنبهرجة: ما يرده التجار. والستوقة: أن يكون الطاق الأعلى فضة والأسفل كذلك وبينهما صفر وليس لها حكم الدراهم ا هـ. وقال في أنفع الوسائل: وحاصل ما قالوه إن الزيوف أجود وبعده النبهرجة وبعدهما الستوقة: وهي بمنزلة الزغل التي نحاسها أكثر من فضتها (قوله كان قضاء اتفاقا) لأنه صار راضيا بترك حقه في الجودة، وقيد بقوله وأنفقه لأنه لو عرضه على البيع ولم ينفقه له رده كما سيذكره الشارح آخر الفروع (قوله ونفق) أي هلك، يقال: نفقت الدابة نفوقا من باب قعد هلكت مصباح (قوله استحسانا) وقولهما قياس كما ذكره فخر الإسلام وغيره، وظاهره ترجيح قول أبي يوسف بحر. (قوله ولو فرخ طير) يقال فرخ بالتشديد وأفرخ صار ذا أفراخ، وأفرخت البيضة: انفلقت عن الفرخ فخرج منها مصباح (قوله أو تكسر) وقع في الكنز تكنس. وفي المغرب: كنس الظبي دخل في الكناس كنوسا من باب طلب وتكنس مثله، ومنه الصيد: إذا تكنس في أرض رجل أي استتر ويروى تكسر وانكسر ا هـ. وفي الفتح: وفي بعض النسخ تكسر أي وقع فيها فتكسر احتراز عما لو كسره رجل فيها بحر، وقوله ومن باب طلب صوابه من باب جلس رملي، وقوله احتراز إلخ إنما يتم إذا لم يكن تكسر للمطاوعة وإلا فهو من فعل غيره، يقال كسره بالتشديد فتكسر وكسره بالتخفيف فانكسر: أي قبل ذلك تأمل (قوله إلا إذا هيأ أرضه لذلك إلخ) أي بأن حفر فيها بئرا ليسقط فيها أو أعد مكانا للفراخ ليأخذها فتح لأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد بحر (قوله أو كان صاحب الأرض قريبا إلخ) ظاهره أن سبب الملك أحد شيئين: إما التهيئة أو القرب، ومقتضاه أنه لو خرج الصيد من أرضه المهيأة قبل قربه منه يبقى على ملكه فليس لغيره أخذه، لكن يشكل عليه ما في الذخيرة عن المنتقى حيث قال: نصب حبالة فوقع فيها صيد فاضطرب وانفلت فأخذه غيره فهو له، فلو جاء صاحب الحبالة ليأخذه فلما دنا منه بحيث يقدر عليه انفلت فأخذه غيره فهو لصاحب الحبالة. والفرق أن صاحب الحبالة فيهما وإن صار آخذا له إلا أنه في الأول بطل الأخذ قبل تأكده، وفي الثاني بعد تأكده، وكذا صيد البازي، والكلب إذا انفلت فهو على هذا التفصيل ا هـ. أفاده ط (قوله فلو أخذه غيره لم يملكه) استدل عليه في النهر بعبارة المنتقى المذكورة (قوله مثل ما مر) بدل من قوله وكذا أو عطف بيان أفاد به أن الإشارة إلى ما ذكر في أول المسألة من أنه لآخذه (قوله أو دخل دار رجل) وكذا لو دخل بيته وأغلق عليه الباب ولم يعلم به لم يصر آخذا مالكا له، حتى لو خرج بعد ذلك فأخذه غيره ملكه. وعن أبي يوسف: لو اصطاده في دار رجل من الهواء أو على الشجر ملكه لأن حصوله على حائط رجل أو شجرته ليس بإحراز فإن قال رب الدار كنت اصطدته قبلك، فإن كان أخذه من الهواء فهو له لأنه لا يد لرب الدار على الهواء، وإن أخذه من حائطه أو شجره فالقول لرب الدار لأخذه من محل هو في يده، وإن اختلف في أخذه من الهواء أو الشجرة فكذلك لأن الظاهر أن ما في داره يكون له وتمامه في البحر (قوله ملكه بهذا الفعل) أي بالإعداد أو الكف، وظاهره أنه بدون ذلك لا يملكه، وإن وقع قريبا منه بحيث تناله يده، والفرق بينه وبين الصيد أن الصيد يملكه بالقرب منه إذا وقع في أرضه ونحوها لا مطلقا وإلا لزم أنه لو قرب من صيد في برية ملكه والنثار يكون في بيت أهل العرس عادة فلا يعتبر فيه مجرد القرب بل لا بد من إعداد الثوب أو كفه. وأيضا لو اعتبر مجرد القرب يؤدي إلى المنازعة بين الحاضرين الذين وقع بينهم إذ كلهم يدعيه (قوله ملكه مطلقا) أي وإن لم يعدها لذلك (قوله لأنه صار من أنزالها) أي ريعها فهو بفتح الهمزة جمع نزل. قال في المصباح: نزل الطعام نزلا من باب تعب كثر ريعه ونماؤه فهو نزل وطعام كثير النزل بوزن سبب: أي البركة، ومنهم من يقول كثير النزل بوزن قفل (قوله لا يجبر عليه) وكذا لا يجبر على إعطاء الصك القديم كما في الخيرية عن جواهر الفتاوى. قال: نعم لو توقف إحياء الحق على عرضه، كما لو غصب المبيع وامتنعت الشهود من الشهادة حتى يروا خطوطهم يجبر على عرضه كما أفتى به الفقيه أبو جعفر صيانة لحق المشتري ا هـ. (قوله ولا على الإشهاد والخروج إليه) أي إلى الإشهاد، وهو عطف تفسير على الإشهاد لأنه ليس له الامتناع عن الإشهاد المجرد بقرينة ما بعده (قوله فليس له الامتناع من الإقرار) فإن لم يقر يرفعه إلى الحاكم فإن أقر بين يديه كتب سجلا وأشهد عليه ملتقط (قوله فغزلته امرأته) أي بإذنه أو بغير إذنه ملتقط (قوله المرأة إذا كفنت) أي إذا كفنت زوجها. وعبارة مجمع الفتاوى وغيرها: أحد الورثة إذا كفن الميت بماله إلخ فالمرأة غير قيد، نعم خرج الأجنبي فإنه لا يرجع كما في التتارخانية أي إلا إذا كان وصيا (قوله ولو أكثر لا ترجع بشيء) علله في البزازية بأن اختيار ذلك دليل التبرع وهذا إذا أنفق الوارث من ماله ليرجع وسيذكر المصنف في باب الوصي أنه إذا زاد في عدد الكفن ضمن الزيادة، وإن زاد في قيمته ضمن الكل أي لأنه صار مشتريا لنفسه فيضمن مال الميت، وقد حررت هذه المسألة بما لا مزيد عليه في تنقيح الحامدية من الوصايا (قوله قال رحمه الله) الضمير عائد إلى صاحب الملتقط، فإن هذه الفروع كلها من الملتقط كما ذكره الشارح آخرها، والعبارة كذلك مذكورة فيه على عادة المتقدمين في كتبهم فافهم (قوله لا يبعد) لعل وجهه أنه لا يلزم من التكفين بأكثر من كفن المثل اختيار التبرع بالكل بل بالزائد. مطلب إذا اكتسب حراما ثم اشترى فهو على خمسة أوجه (قوله اكتسب حراما إلخ) توضيح المسألة ما في التتارخانية حيث قال: رجل اكتسب مالا من حرام ثم اشترى فهذا على خمسة أوجه: أما إن دفع تلك الدراهم إلى البائع أولا ثم اشترى منه بها أو اشترى قبل الدفع بها ودفعها، أو اشترى قبل الدفع بها ودفع غيرها، أو اشترى مطلقا ودفع تلك الدراهم، أو اشترى بدراهم أخر ودفع تلك الدراهم. قال أبو نصر: يطيب له ولا يجب عليه أن يتصدق إلا في الوجه الأول، وإليه ذهب الفقيه أبو الليث، لكن هذا خلاف ظاهر الرواية فإنه نص في الجامع الصغير: إذا غصب ألفا فاشترى بها جارية وباعها بألفين تصدق بالربح. وقال الكرخي: في الوجه الأول والثاني لا يطيب، وفي الثلاث الأخيرة يطيب، وقال أبو بكر: لا يطيب في الكل، لكن الفتوى الآن على قول الكرخي دفعا للحرج عن الناس ا هـ. وفي الولوالجية: وقال بعضهم: لا يطيب في الوجوه كلها وهو المختار، ولكن الفتوى اليوم على قول الكرخي دفعا للحرج لكثرة الحرام ا هـ. وعلى هذا مشى المصنف في كتاب الغصب تبعا للدرر وغيرها (قوله قال الكرخي) صوابه: قال أبو نصر كما رأيته في الملتقط: ولم أر فيه ذكر قول الكرخي أصلا (قوله جاز أخذ ربحه) لأن الظاهر أنه اكتسب من الحلال ولوالجية وظاهره أنه لا كراهة فيه، وتقدم في شركة المفاوضة أن أبا يوسف أجازها مع اختلاف الملة مع الكراهة، وعلله الزيلعي هناك بأن الكافر لا يهتدي إلى الجائز من العقود (قوله لا يجوز لأحد أخذه إلخ) ظاهره أنه لا يجوز الإقدام على الأخذ ما لم يسمع المالك قال ليأخذه من أراده وظاهره أنه يملكه بالأخذ إذا قال المالك ذلك وإلا لا، وتقدم تمام الكلام على هذه المسألة في باب الجناية على الإحرام من كتاب الحج. (قوله والأب مفسد فاسق) احتراز عما إذا كان محمودا عند الناس أو مستور الحال فإنه حينئذ يصح بيعه عقار ابنه الصغير كما سيذكره في باب الوصي (قوله لم يجز بيعه) نقضه بعد بلوغه هو المختار إلا إذا كان خيرا بأن باع بضعف القيمة وبيع منقوله يجوز في رواية ويوضع ثمنه في يد عدل لا في رواية لولا خير بضعف قيمته، وبه يفتى جامع الفصولين (قوله على أن لا ترجع عليه) قيد بذلك لما في الأشباه شراء الأم لابنها الصغير ما لا يحتاج إليه غير نافذ عليه إلا إذا اشترت من أبيه أو منه ومن أجنبي كما في الولوالجية (قوله جاز وهو كالهبة) قال في الخانية: تكون الأم مشترية لنفسها ثم يصير منها هبة لولدها الصغير وصلة، وليس لها أن تمنع الضيعة عن ولدها الصغير ا هـ. ط (قوله رجع بما أدى) مخالف لما صححه في النفقات حيث قال نقلا عن جامع الفصولين: الأسير ومن أخذه السلطان ليصادره لو قال لرجل خلصني فدفع المأمور مالا فخلصه، قيل يرجع وقيل لا في الصحيح به يفتى ا هـ. لكن سيأتي في الكفالة قبيل كفالة الرجلين تصحيح الأول، ومثله في البزازية والخانية، وقدمنا في النفقات تأييده، فهما قولان مصححان. ثم رأيت الجزم بالأول في شرح السير الكبير، ولم يحك فيه خلافا فكان هو المذهب فافهم (قوله قال بألف إلخ) عبارة الملتقط وقال شداد: إذا قال الأسير الحر اشترني بألف درهم فاشتراه بأكثر منه جاز وعليه قدر الألف، ولا يلزمه الفضل لأنه تخليص لا شراء، بخلاف الوكيل بالشراء ا هـ. قلت بيانه أن الوكيل بالشراء لو شرى بأكثر مما عينه الموكل وقع الشراء له، ولا يلزم الموكل شيء من الثمن لأن الشراء متى وجد نفاذا على المشتري لزم فيلزمه جميع الثمن ولا يلزم الآمر شيء، وهنا لزم الآمر قدر ما عينه لأنه هنا تخليص لا شراء حقيقة، ووقع في جامع الفصولين خلاف هذا فإنه قال أسير أمره أن يفديه بألف ففداه بألفين يرجع بألفين عليه، وليس كوكيل بشراء إذ لا عقد هنا، وإنما أمره أن يخلصه فصار كمن أمره أن ينفق عليه ألفا فأنفق عليه ألفين ا هـ. أقول: ويظهر لي أن قوله يرجع بألفين سبق قلم، وصوابه بألف بدليل التعليل والتنظير، فإن المأمور بإنفاق ألف لا شك أنه لا يرجع بأكثر من ألف، ثم راجعت السير الكبير للسرخسي فرأيت فيه مثل ما قدمناه عن الملتقط وقال إنما يرجع عليه بالألف خاصة لأن الرجوع بحكم الاستقراض وذلك في الألف خاصة، وهذا بخلاف الشراء إلخ فهذا صريح فيما قلنا، ولله الحمد فافهم. مطلب دبغ في داره وتأذى الجيران (قوله وتأذى جيرانه) قال في جامع الفصولين: القياس في جنس هذه المسائل أن من تصرف في خالص ملكه لا يمنع ولو أضر بغيره، لكن ترك القياس في محل يضر بغيره ضررا بينا، وقيل وبه أخذ كثير من المشايخ وعليه الفتوى ا هـ. وفيه أراد أن يبني في داره تنورا للخبز دائما أو رحى للطحن أو مدقة للقصارين يمنع عنه لتضرر جيرانه ضررا فاحشا. وفيه: لو اتخذ داره حماما ويتأذى الجيران من دخانها فلهم منعه إلا أن يكون دخان الحمام مثل دخان الجيران ا هـ. وانظر ما لو كانت دارا قديمة بهذا الوصف هل للجيران الحادثين أن يغيروا القديم عما كان عليه؟ ط. مطلب الضرر البين يزال ولو قديما قلت: الضرر البين يزال ولو قديما كما أفتى به العلامة المهمنداري، ومثله في حاشية البحر للخير الرملي من كتاب القضاء كما في كتاب الحيطان من الحامدية. (قوله على أنه لحم غنم) الغنم اسم جنس يطلق على الضأن والمعز مصباح، والمراد هنا الضأن بحكم العرف (قوله له الرد) أي لاختلاف الرغبة وإن كانا في باب الربا جنسا واحدا تأمل. قال في الملتقط: وكذلك إذا اشترى على أنه لحم موجوءة فوجده لحم فحل (قوله قال زن لي إلخ) في المجرد عن أبي حنيفة قال: للحام كيف تبيع اللحم؟ فقال كل ثلاثة أرطال بدرهم فقال أخذت منك زن لي فله أن لا يزن، وإن وزن فلكل واحد منهما أن يرجع، فإن قبض المشتري أو جعل البائع في وعاء المشتري بأمره فقد تم البيع وعليه درهم. قال محمد: قال لقصاب زن لي من هذا اللحم كذا بكذا فوزنه فله الخيار ولو قال زن لي من هذا الجنب كذا بكذا أو قال زن لي ما عندك من اللحم بحساب كذا فوزنه جاز ولا خيار له. وعن أبي يوسف مثله حاوي الزاهدي. قلت: ولعل وجه قول الإمام إن هذا بيع بالتعاطي فلا يتم قبل قبض المبيع، وعلى قول محمد يتم بالوزن إن عين الموضع أو كان العقد على الكل تأمل (قوله لم يخير) لعل وجهه أن الخبز المشترى منه لا يختلف، بخلاف اللحم فإن لحم الرقبة أو الفخذ أحسن من لحم الخاصرة مثلا فيثبت له الخيار بعد الوزن، إلا إذا شرى الكل أو عين الموضع كهذا الجنب فيتم البيع بالوزن كما علمت تأمل. مطلب شرى بذر بطيخ فوجده بذر قثاء (قوله إن قائما رده إلخ) أي لاختلاف الجنس فبطل البيع، ولو اختلف النوع لا يرجع بثمنه جامع الفصولين وفيه: شرى على أنه بذر بطيخ شتوي فزرعه فوجده صيفيا بطل البيع فيأخذ المشتري ثمنه وعليه مثل ذلك البذر ا هـ. قلت: ومقتضاه أنه من اختلاف الجنس، كما لو وجده بذر قثاء. والذي يظهر أنه من اختلاف النوع، ويؤيده ما ذكره فيه أيضا: لو شرى بذرا على أنه بذر بطيخ كذا فظهر على صفة أخرى جاز البيع لاتحاد الجنس من حيث إنه بطيخ، واختلاف الصفة لا يفسد العقد ولا يرجع بنقص العيب عند أبي حنيفة ا هـ. أي لأنه ظهر عيبه بعد استهلاكه. وذكر فيه قوله: شرى برا على أنه ربيعي فزرعه فظهر أنه خريفي اختار المشايخ أنه يرجع بنقص العيب، وهو قولهما بناء على ما إذا شرى طعاما فأكله فظهر عيبه، وقد مر أن الفتوى على قولهما ا هـ. والحاصل أنه إذا ظهر خلاف الجنس كبذر البطيخ وبذر القثاء بطل البيع فيرده لو قائما ويرد مثله لو هالكا ويرجع بالثمن ولو ظهر خلاف الوصف كالربيعي والخريفي صح البيع فيرده لو قائما، ولا يرجع بشيء لو هالكا عند الإمام. وعندهما يرجع بنقصانه، وبه يفتى، وبقي ما لو زرعه فلم ينبت ففي الخيرية ليس له الرجوع بالثمن ولا بالنقص لأنه قد استهلك المبيع، ولا رجوع بعد الإتلاف كما صرح به ظهير الدين في حب القطن، وقيل يرجع بنقصانه إن ثبت عدم نباته لعيب به، وإلا لا بالاتفاق لاحتمال أن عدم نباته لرداءة حرثه أو لجفاف أرضه لأمر آخر ا هـ. قلت: الظاهر أن ما نقله عن ظهير الدين مبني على قول الإمام، وقوله وقيل يرجع مبني على قولهما المفتى به كما علمت (قوله فانكسروا) في بعض النسخ فانكسرت وهي الأولى لأن الواو لجماعة العقلاء (قوله ضمن الأقداح لا القدح) لأن القدح قبضه على سوم الشراء بلا بيان الثمن والأقداح انكسرت بفعله فيضمنها بين الثمن أو لا كما في الخانية (قوله بأصلها) وهو المدفون في الأرض المسمى شرشا. مطلب شرى شجرة وفي قلعها ضرر (قوله يقطعه من وجه الأرض) عبارة الملتقط يقطعها. وفيه أيضا إذا اشترى أشجارا من وجه الأرض وفي قطعها بالصيف ضرر فللبائع أن يدفع إليه قيمتها وهي قائمة إلا أن يتراضيا على تركها إلى وقت لا ضرر في قطعها. وفيه أيضا: لو باع شجرة، إن بين موضع قطعها من وجه الأرض فعلى ذلك، وإن بين بأصلها فعلى قرارها من الأرض، وإن لم يبين له أن يقطع من أصلها إلا أن تقوم دلالة ا هـ. (قوله فكسرها المشتري) كذا رأيته في الملتقط وكأنه مصور في الصرف وإلا فالمناسب فكسرها البائع. ورأيت فيه تقييد الزيوف بالنبهرجة، ويدل له ما نقله بعض المحشين عن الخانية: لو أن المشتري دفع إلى البائع دراهم صحاحا فكسرها البائع فوجدها نبهرجة كان له أن يردها على المشتري، ولا يضمن بالكسر لأن الصحاح والمكسرة فيه سواء ا هـ. (قوله وإن طحنه لا يبيع) أي إلا أن يبين لأنه لا يرى (قوله وقال الثاني إلخ) وقال أيضا لا بأس أن يشتري بستوقة إذا بين وأرى للسلطان أن يكسرها لعلها تقع في أيدي من لا يبين. وروى بشر في الإملاء عنه: أكره للرجل أن يعطي الزيوف والنبهرجة والستوقة وإن بين ذلك، وتجوز بها عند الأخذ من قبل أن إنفاقها ضرر على العوام، وما كان ضررا عاما فهو مكروه خوفا من الوقوع في أيدي المدلسة على الجاهل به ومن التاجر الذي لا يتحرج ا هـ. ملخصا من الهندية (قوله لا ينفقها حتى يعدها) لاحتمال أن يظهر الدرهم معيبا وقد أنفق الفلوس أو بعضها فيلزم الجهالة في المنفق. والظاهر أن محله إذا أخذها عددا لا وزنا، وهل ذلك يجري في صرف الذهب بالفضة يحرر ط تأمل (قوله ثمنه) الضمير راجع للمشتري: أي الثمن الواجب عليه أو للثياب باعتبار كونها مبيعا (قوله لجهالة الأجل) لأنه لم يعلم بذلك وقت الدفع، نعم لو قال إلى شهر على أن يؤديه بسمرقند جاز، ويبطل الشرط كما قدمناه أول البيوع (قوله فهو فاسد) لأن فيه نفعا للبائع ولا يقتضيه العقد (قوله من الأكار) أي المزارع (قوله يرجع على الدهقان) أي صاحب الأرض. وفي هذه المسألة كلام سيأتي إن شاء الله تعالى قبيل باب كفالة الرجلين. (قوله إن رضي الأكار جاز) أي إذا دفع صاحب الكرم كرمه إلى أكار مساقاة بالربع مثلا وعمل الأكار حتى صار له حصة في الثمر يتوقف بيع الثمر على رضا الأكار لأن له فيه حصة، فإن أجاز البيع يقسم الثمن على قيمة الأرض وقيمة الثمر فيأخذ الأكار قدر حصته من ثمن الثمر وأما لو دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر من العامل فباع الأرض توقف بيع الأرض على إجازة المزارع لأنه صار بمنزلة مستأجر الأرض كما مر في باب الفضولي، ولا يخفى أن هذه مسألة أخرى فافهم (قوله فقبله ولم ينفقه) الأوضح فعرضه على البيع ولم ينفقه ط (قوله بخلاف جارية إلخ) الفرق أن المقبوض من الدراهم ليس عين حق القابض بل هو من جنس حقه لو تجوز به جاز وصار عين حقه، فإذا لم يتجوز بقي على ملك الدافع فصح أمر الدافع بالتصرف، فهو في الابتداء تصرف للدافع وفي الانتهاء لنفسه، بخلاف التصرف في العين لأنها ملكه فتصرف لنفسه فبطل خياره ط عن البحر، وقدمنا تمام الكلام على هذه المسألة في خيار العيب عند قول المصنف باع ما اشتراه فرد عليه بعيب إلخ فراجعه (قوله قال أبو حنيفة إلخ) لا مناسبة لهذه المسألة هنا، وقدمنا الكلام عليها مستوفى في فصل محرمات النكاح، والله سبحانه أعلم. ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به لم يترجم له بفصل ولا باب لدخوله في باب المتفرقات، و " ما " اسم موصول مبتدأ خبره قوله البيع إلخ، وتقدم في باب البيع الفاسد بيان الشرط الفاسد. والتعليق: ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى، وتقدم الكلام عليه في كتاب الطلاق، ومثال الشرط الفاسد بعتك بشرط كذا، ومثال التعليق بعتك إن رضي فلان. وفي حاشية الأشباه للحموي عن قواعد الزركشي: الفرق بين التعليق والشرط أن التعليق داخل في أصل الفعل بإن ونحوها، والشرط ما جزم فيه بأصل الفعل: أو يقال التعليق ترتيب أمر لم يوجد على أمر لم يوجد بإن أو إحدى أخواتها، والشرط التزام لم يوجد في أمر لم يوجد بصيغة مخصوصة ا هـ. (قوله هاهنا أصلان إلخ) الذي تحصل من هذين الأصلين أن ما كان مبادلة مال بمال يفسد بالشرط الفاسد، ويبطل تعليقه أيضا لدخوله في التمليكات لأنها أعم، وما ليس مبادلة مال بمال إن كان من التمليكات أو التقييدات يبطل تعليقه بالشرط فقط وإن لم يكن منهما فإن كان من الإسقاطات والالتزامات التي يحلف بها يصح تعليقه بالملائم وغيره، وإن كان من الإطلاقات والولايات والتحريرات يصح بالملائم فقط، وبه يظهر أن قول المصنف ولا يصح تعليقه به معطوف على ما يبطل عطف تفسير، فالمراد بالشرط التعليق به. ويحتمل أن يكون قاعدة ثانية معطوفة على الأولى على تقرير ما أخرى: أي وما لا يصح تعليقه به كما في قوله تعالى: {وما أنزل إلينا} {وما أنزل إليكم} أي وما أنزل إليكم فيكون ما في المتن قاعدتين الأولى ما يبطل بالشرط والثانية ما لا يصح تعليقه به وبدون هذا التقدير يكون قاعدة واحدة أريد بها ما اجتمع فيه الأمران. وذلك خاص بالتمليكات التي هي مبادلة مال بمال فإنها تبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقها به، وذلك غير مراد لأن المصنف عد من ذلك الرجعة والإبراء وعزل الوكيل والاعتكاف والإقرار والوقف والتحكيم وليس في شيء من ذلك تمليك مال بمال مع أن السبعة المذكورة لا تبطل بالشرط الفاسد، فتعين أن يكون ما ذكره المصنف قاعدة واحدة هي ما لا يصح تعليقه بالشرط والعطف للتفسير كما قلنا، فإن جميع ما ذكره المصنف يبطل تعليقه بالشرط، أو قاعدتين كما دل عليه ذكر الأصلين المذكورين. وعليه فما ذكره المصنف منه ما هو داخل تحتهما معا، ومنه ما هو داخل تحت الثانية فقط، ويدل عليه أيضا ما في الزيلعي حيث قال بعد ذكر ما لا يبطل بالشرط الفاسد: ثم الشيخ ذكر هنا ما يبطل بالشروط الفاسدة وما لا يبطل بها وما لا يصح تعليقه بالشرط ولم يذكر ما يجوز تعليقه بالشرط إلخ. إذا علمت ذلك ظهر لك أن هاهنا أربعة قواعد الأولى ما يبطل بالشرط الفاسد. الثانية ما لا يصح تعليقه بالشرط وهاتان المذكورتان هنا. والثالثة عكس الأولى وهي ما يأتي في قول المصنف وما لا يبطل بالشرط الفاسد إلخ. والرابعة عكس الثانية، وهي المذكورة في قول الشارح وبقي ما يجوز تعليقه إلخ. والأولى داخلة تحت الثانية لأن كل ما بطل بالشرط الفاسد لا يصح تعليقه به ولا عكس؛ فالفروع التي ذكرها المصنف كلها داخلة تحت الثانية وبعضها تحت الأولى لخروج الرجعة والإبراء ونحوهما كما ذكرناه، وما خرج عنها دخل تحت الثالثة؛ والرابعة داخلة تحت الثالثة لأن كل ما جاز تعليقة لا يبطله الشرط الفاسد ولا عكس كما ستعرفه. ثم اعلم أن قوله لا يصح تعليقه ليس المراد به بطلان نفس التعليق مع صحة المعلق لأن ما كان من التمليكات يفسد بالتعليق، بل المراد أنه لا يقبل التعليق بمعنى أنه يفسد به، فاغتنم تحرير هذا المقام فإن به يندفع كثير من الأوهام كما يظهر لك في تقدير الكلام (قوله وما لا فلا) أي وما لا يكون مبادلة مال بمال بأن كان مبادلة مال بغير مال كالنكاح والطلاق والخلع على مال ونحوها أو كان من التبرعات كالهبة والوصية لا يفسد بالشرط الفاسد، وقوله كالقرض هو تبرع ابتداء مبادلة انتهاء فيصلح مثالا للشيئين، وإنما لم يفسد ذلك لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وهو في المعاوضات المالية لا غير، لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض وحقيقة الشروط الفاسدة كما مر هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه فيكون فيها فضل خال عن العوض وهو الربا، ولا يتصور ذلك في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات بل يفسد الشرط ويصح التصرف، وتمامه في الزيلعي. (قوله من التمليكات) كبيع وإجارة واستئجار وهبة وصدقة ونكاح وإقرار وإبراء كما في جامع الفصولين فهو أعم مما قبله (قوله أو التقييدات) كرجعة وكعزل الوكيل وحجر العبد كما في الفصولين؛ وذلك أن في الوكالة والإذن للعبد إطلاقا عما كانا ممنوعين عنه من التصرف في مال الموكل والمولي، وفي العزل والحجر تقييد لذلك الإطلاق، وكذا في الرجعة تقييد للمرأة عما أطلق لها بالطلاق من حقوق الزوجية (قوله يبطل تعليقه بالشرط) أي المحض كما في البحر وغيره، والظاهر أنه احتراز عن التعليق بشرط كائن فإنه تنجيز كما في جامع الفصولين. قال: ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق إن كان السماء فوقنا والأرض تحتنا تطلق للحال، ولو علق البراءة بشرط كائن يصح، ولو قال للخاطب زوجت بنتي من فلان فكذبه فقال إن لم أكن زوجتها منه فقد زوجتها منك فقبل الخاطب وظهر كذب الأب انعقد (قوله والأصح) أي أن لا يكن من التمليكات والتقييدات بأن كان من الإسقاطات المحضة أو الالتزامات أو الإطلاقات أو الولايات أو التحريضات صح التعليق (قوله لكن في إسقاطات) أي محضة كالطلاق والعتاق بحر، احترازا عن الإبراء فإنه وإن كان إسقاطا لكنه تمليك من وجه كما يأتي فهو من التمليكات (قوله يحلف بهما) الضمير المثنى عائد إلى إسقاطات والتزامات، وقوله كحج وطلاق لف ونشر مشوش، وقوله مطلقا: أي بشرط ملائم، أو غير ملائم، ولم يظهر من كلامه حكم ما لا يحلف به من النوعين ولا أمثلته، ولم أر من ذكر ذلك. ويظهر لي أنه كالتمليكات يبطل تعليقه وأن من الأولى تسليم الشفعة إذا علق بشرط غير كائن فإنه فاسد. ويبقى على شفعته كما سنوضحه؛ ومن الثاني ما إذا التزم ما لا يلزمه شرعا، وكما لو استأذن جاره لهدم جدار مشترك بينهما فأذن بشرط منع الضرر عنه بنصب خشبات ولم يفعل حتى انهدم منزل الجار لا يضمن لأنه ليس عليه حفظ دار شريكه كما في الولوالجية ففيه التزام الحفظ كأنه قال اهدم الجدار بشرط نصب الخشبات فلا يصح تأمل (قوله وفي إطلاقات) كالإذن بالتجارة وولايات كالقضاء والإمارة وتحريضات نحو: {من قتل قتيلا فله سلبه} ا هـ. ح (قوله بالملائم) أي يصح تعليقها بالشرط الملائم، وفسره في الخلاصة بما يؤكد موجب العقد ا هـ. مثل إن وصلت إلى بلدة كذا فقد وليتك قضاءها أو إمارتها أو إن قتلت قتيلا فلك سلبه، بخلاف نحو إن هبت الريح (قوله فالأول إلخ) قد علمت أن حاصل الأصلين المذكورين في الشرح أن من المسائل ما يفسد بالشرط الفاسد، وما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد، وما يصح بالشرط وما يصح تعليقه به، فهي أربعة الفاسد منها قسمان والصحيح قسمان، فقوله فالأول أربعة عشر أراد به الفاسد منها بقسميه، وهو الذي عبر عنه المصنف بقوله ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه. وأما ما يصح فسيذكر المصنف القسم الأول منه بقوله وما لا يبطل بالشرط الفاسد، وذكر الشارح بعده القسم الآخر بقوله وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط كما نبهنا عليه أولا، وحينئذ فلا حاجة إلى أن يراد بالأول فالأصل الأول من الأصلين حتى يرد عليه أن الصور التي ذكرها المصنف ليست كلها مبادلة مال بمال بل بعضها فافهم (قوله على ما في الدرر إلخ) أي كونها أربعة عشر مبني على ما ذكر في هذه الكتب، وأشار به إلى أنها تزيد على ذلك كما نبه عليه الشارح بعد ويأتي تمامه. ثم إن المذكور في إجارة الوقاية ما يصح مضافا وهو ما سيأتي آخرا وليس الكلام فيه كما لا يخفى (قوله البيع) صورة البيع بالشرط قوله بعته بشرط استخدامه شهرا وتعليقه بالشرط كقوله بعته إن كان زيد حاضرا، وفي إطلاق البطلان على البيع بشرط تسامح لأنه من قبيل الفاسد لا الباطل، وإليه يشير قوله وقد مر في البيع الفاسد شرنبلالية (قوله إن علقه بكلمة إن) إلا في صورة واحدة وهي أن يقول بعت منك هذا إن رضي فلان فإنه يجوز إن وقته بثلاثة أيام لأنه اشتراط الخيار إلى أجنبي وهو جائز بحر، لكن فيه أن الكلام في الشرط الفاسد وهذا شرط صحيح تأمل (قوله على ما بينا في البيع الفاسد) أي من أنه إن كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو فيه أثر أو جرى التعامل به كشرط تسليم المبيع أو الثمن أو التأجيل أو الخيار أو حذاء النعل لا يفسد ويصح الشرط وإن لم يكن كذلك، فإن كان فيه منفعة لأهل الاستحقاق فسد وإلا فلا ا هـ. وقول العاقد بشرط كذا بمنزلة على، ولا بد بأن لا يقرن الشرط بالواو وإلا جاز ويجعل مشاورة وأن يكون في صلب العقد؛ حتى لو ألحقاه به لم يلتحق في أصح الروايتين مكي. وفي الذخيرة: اشترى حطبا في قرية شراء صحيحا وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء احمله إلى منزلي لا يفسد، أو استأجر أرضا للزراعة ثم قال بعد تمامها إن الجرف على المستأجر لا تفسد لأنه كلام مبتدأ ا هـ. ط وتقدم آخر باب خيار الشرط أن البيع لا يفسد بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا ذكرها في الأشباه وأوضحناها هناك (قوله والقسمة) من صور فسادها بالشرط ما إذا اقتسم الشريكان على أن لأحدهما الصامت وللآخر العروض، أو على أن يشتري أحدهما من الآخر داره بألف، أو على شرط هبة أو صدقة أما لو اقتسما على أن يزيده شيئا معلوما فهو جائز كالبيع، وكذا على أن يرد أحدهما على الآخر دراهم مسماة بحر عن الولوالجية. وقال أيضا: وصورة تعليقها أن يقتسموا دارا وشرطوا رضا فلان لأن القسمة فيها معنى المبادلة فهي كالبيع عيني، ومر جواز تعليق البيع برضا فلان على أنه شرط خيار إذا وقته، ولكن في الولوالجية: خيار الشرط والرؤية يثبت في قسمة لا يجبر الآبي عليها وهي قسمة الأجناس المختلفة، لا فيما يجبر عليها كالمثلي من جنس واحد بحر ملخصا. وحاصله أن تعليق القسمة على رضا فلان غير مؤقت لا يصح مطلقا ومؤقتا يصح في الجنس الواحد على أنه خيار شرط لأجنبي كما يصح في البيع، فكلام العيني محمول على غير المؤقت أو على الأجناس المختلفة. ثم اعلم أن القسمة التي يجبر الآبي عليها لا تختص بالمثلي لأنها تكون في العروض المتحد جنسها إلا الرقيق والجواهر فلا يجبر عليها كقسمة الأجناس بعضها في بعض وكدور مشتركة أو دار وضيعة فيقسم كل منها وحده لا بعضها في بعض إلا بالتراضي كما سيأتي في بابها (قوله أما قسمة القيمي إلخ) أفاد أن قسمة المثلي لا تصح بالشرط مطلقا، أما قسمة القيمي فتصح إن علقت بخيار شرط أو رؤية وإلا فلا، لكن علمت أن الافتراق بين الجبر وعدمه لا بين المثلي والقيمي فافهم. وأيضا فالكلام في الشرط الفاسد كما مر، وشرط الخيار ليس شرطا فاسدا فلا حاجة إلى التنبيه على صحته تأمل. (قوله والإجارة) أي كأن آجر داره على أن يقرضه المستأجر أو يهدي إليه أو إن قدم زيد عيني، ومن ذلك استأجر حانوتا بكذا على أن يعمره ويحسب ما أنفقه من الأجرة فعليه أجر المثل وله ما أنفق وأجر مثل قيامه عليه، وتمامه في البحر؛ وبه علم أنها تفسد بالشرط الفاسد وبالتعليق لأنها تمليك المنفعة والأجرة (قوله فيصح به يفتى) لعل وجهه أنه وقت يجيء لا محالة فلم يكن تعليقا بخطر، أو هو إضافة لا تعليق والإجارة تقبل الإضافة كما سيأتي، وعليه فلا حاجة إلى الاستثناء (قوله مع أنه تعليق بعدم التفريغ) ولعل وجه صحته أنه لما كان التفريغ واجبا على الغاصب في الحال فإذا لم يفرغ صار راضيا بالإجارة في الحال كأنه علقه على القبول فقبل تأمل (قوله فقول البكر إلخ) الأولى إبدال البكر بالبالغة كما هو في عبارة البزازية (قوله وكذا كل ما لا يصح تعليقه بالشرط) وهو التمليكات والتقييدات كما مر، وهذا التعميم أخذه في البحر من إطلاق عبارة الكنز لفظ الإجازة، واستشهد له بما مر عن البزازية، وأقره في النهر، واعترضه الحموي بما في القنية قال باعني فلان عبدك بكذا فقال إن كان كذا فقد أجزته أو فهو جائز جاز إن كان بكذا أو بأكثر من ذلك النوع؛ ولو أجاز بثمن آخر يبطل ا هـ.: قلت: قد يجاب بأن هذا تعليق بكائن فلم يكن شرطا محضا، كما لو قال إن لم أكن زوجتها من فلان فقد زوجتها منك كما قدمناه تأمل (قوله فقصرها على البيع قصور) تعريض بما يفيده كلام العيني حيث صور الإجازة بقوله بأن باع فضولي عبده فقال أجزته بشرط أن تقرضني أو تهدي إلي أو علق إجازته بشرط لأنها بيع معنى ا هـ. ومثله قول الدرر والبيع وإجازته. وقال ح: ينبغي أن يراد بالإجازة إجازة عقد هو مبادلة مال بمال لأن كلامه فيما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه بالشرط وذلك خاص بالمعاوضات المالية، وما ذكره عن البزازية من إجازة النكاح صحيح في نفسه، لكنه لا يلائم المتن لأن إجازة النكاح مثله فلا تبطل بالشرط الفاسد وإن لم يصح تعليقها به ا هـ. ملخصا. قلت: قد علمت مما قررناه سابقا أن ما ذكره المصنف قاعدتان لا واحدة، والفروع التي ذكرها المصنف بعضها مفرع على القاعدتين وبعضها على واحدة منهما، فمثل إجازة النكاح مفرعة على الثانية فقط، ومثل إجازة البيع مفرعة على كل منهما، وكأن من اقتصر على تصوير الإجازة بالبيع قصد بيان ما تفرع على القاعدتين فافهم (قوله قال شيخنا في بحره) من كلام المصنف في المنح (قوله وأطال الكلام إلخ) حاصله أن ما ذكره في الكنز لم ينفرد به بل قاله جماعة غيره، ويدل على بطلانه أن المذكور في كافي الحاكم وغيره أن تعليق الرجعة بالشرط باطل ولم يذكروا أنها تبطل بالشرط الفاسد، وكيف تبطل به مع أن أصلها وهو النكاح لا يبطل به؟ وصرح في البدائع بأنها تصح مع الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح. وفي كتب الأصول من بحث الهزل أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة، وما لا يصح معه تبطله ا هـ. قلت: وقد مر أيضا في الأصل الأول أن ما ليس مبادلة مال بمال لا يفسد بالشرط الفاسد، ولا يخفى أن الرجعة كذلك. والجواب عما قاله في البحر أنه مبني على أن قولهم ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به قاعدة واحدة والفروع المذكورة بعدها مفرعة عليها وذلك غير صحيح بل هما قاعدتان كما قررناه، والرجعة مفرعة على الثانية منهما فقط فلا بطلان في كلامهم بعد فهم مرامهم، فافهم (قوله لكن تعقبه في النهر) حيث قال: وحيث ذكر الثقات بطلانها بالشرط الفاسد لم يبق الشأن إلا في السبب الداعي للتفرقة بينها وبين النكاح، ثم ذكر الفرق المذكور في الشرح. واعترضه ح بأنه لا يلزم من مخالفتها النكاح في أحكام أن تخالفه في هذا الحكم ا هـ. قلت: وأيضا فقوله وتبطل بالشرط هو محل النزاع، فالصواب ذكره بالفاء لا بالواو على أنك قد سمعت الجواب الحاسم لمادة الإشكال. [تنبيه] علل في الخلاصة لعدم صحة تعليق الرجعة بالشرط بأنه إنما يحتمل التعليق بالشرط ما يجوز أن يحلف به ولا يحلف بالرجعة ا هـ. واعترضه في نور العين بأن عدم التحليف في الرجعة قول الإمام، والمفتى به قولهما أنه يحلف وعليه فينبغي أن يصح تعليقها بالشرط ا هـ. قلت: اشتبه عليه الأمر، فإن قول الخلاصة لا يحلف بالرجعة بتخفيف اللام بمعنى أنه لا يقال إن فعلت كذا فعلي أن أراجع زوجتي كما يقال فعلي حج أو عمرة أو غيرهما مما يحلف به وكأنه ظنه يحلف بتشديد اللام وجعل الباء للسببية: أي إذا أنكر الرجعة لا يحلفه القاضي عليها كبقية المسائل الستة التي لا يحلف عليها المنكر عنده وعندهما يحلف، ولا يخفى أن هذا من بعض الظن فاجتنبه (قوله والصلح عن مال بمال) ك صالحتك على أن تسكنني في الدار سنة أو إن قدم زيد، لأنه معاوضة مال بمال فيكون بيعا عيني. وفي صلح الزيلعي إنما يكون بيعا إذا كان البدل خلاف جنس المدعى به، فلو على جنسه، فإن بأقل منه فهو حط وإبراء، وإن بمثله فقبض واستيفاء، وإن بأكثر فهو فضل وربا (قوله وفي النهر الظاهر الإطلاق) أي عدم التقييد بكونه بيعا فيشمل ما إذا كان على جنس المدعى بصوره الثلاث المذكورة آنفا، لكن الأولى منها داخلة في الإبراء الآتي، والثالثة فاسدة بدون الشرط والتعليق لكونها ربا، وأما الثانية فيظهر عدم فسادها مطلقا تأمل، ويحتمل أن يراد بالإطلاق عدم التقييد بكونه عن إقرار بقرينة التفريغ، وما قيل من أن الحق التقييد لأن الكلام فيما يبطل بالشرط الفاسد وهو المعاوضات المالية والصلح عن سكوت وإنكار ليس منها، فجوابه ما علمته من أن المفرع عليه قاعدتان لا واحدة فما لم يصلح فرعا للأولى يكون فرعا للثانية ولذا اقتصر الشارح على قوله ولا يجوز تعليقه فافهم (قوله والإبراء عن الدين) بأن قال أبرأتك عن ديني على أن تخدمني شهرا أو إن قدم فلان عيني. وفي العزمية عن إيضاح الكرماني بأن قال أبرأت ذمتك بشرط أن لي الخيار في رد الإبراء وتصحيحه في أي وقت شئت، أو قال إن دخلت الدار فقد أبرأتك أو قال لمديونه أو كفيله إذا أديت إلي كذا أو متى أديت أو إن أديت إلي خمسمائة فأنت بريء عن الباقي فهو باطل ولا إبراء ا هـ. وذكر في البحر صحة الإبراء عن الكفالة إذا علقه بشرط ملائم كإن وافيت به غدا فأنت بريء فوافاه به برئ من المال، وهو قول البعض. وفي الفتح أنه الأوجه لأنه إسقاط لا تمليك بحر وسيأتي تمام الكلام عليه في بابها (قوله لأنه تمليك من وجه) حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الإسقاط فيكون معتبرا بالتمليكات فلا يجوز تعليقه بالشرط بحر عن العيني. وفيه أن الإبراء عن الدين ليس من مبادلة المال بالمال، فينبغي أن لا يبطل بالشرط الفاسد، وكونه معتبرا بالتمليكات لا يدل إلا على بطلان تعليقه بالشرط ولذلك فرعه عليه، وعلى هذا فينبغي أن يذكر في القسم الآتي، هذا ما ظهر لي فتأمل.ه ح وهكذا قال في البحر إن الإبراء يصح تقييده بالشرط، وعليه فروع كثيرة مذكورة في آخر كتاب الصلح، وذكر الزيلعي. هناك أن الإبراء يصح تقييده لا تعليقه ا هـ. وأوضحناه فيما علقناه على البحر، لكن لا بد أن يكون الشرط متعارفا كما يأتي، والحاصل أن الإبراء مفرع على القاعدة الثانية فقط فلذا ذكره هنا فافهم. ومن فروعه ما في البحر عن المبسوط: لو قال للخصم إن حلفت فأنت بريء فهذا باطل لأنه تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق ا هـ. ويصح تفريع الإبراء على القاعدة الأولى أيضا إذا كان الشرط غير متعارف، ومنه ما نقلناه عن العزمية فافهم (قوله إلا إذا كان الشرط متعارفا) كما لو أبرأته مطلقته بشرط الإمهار فيصح لأنه شرط متعارف، وتعليق الإبراء بشرط متعارف جائز، فإن قبل الإمهار وهم، بأن يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الإمهار الصحيح؛ ولو أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة، فلو جدد لها نكاحا بدينار فأبت لا يبرأ بدون الشرط. قالت المسرحة لزوجها: تزوجني فقال هبي لي المهر الذي لك علي فأتزوجك، فأبرأته مطلقا غير معلق بشرط التزوج يبرأ إذا تزوجها وإلا فلا لأنه إبراء معلق دلالة، وقيل لا يبرأ، وإن تزوجها لأنه رشوة بحر عن القنية، ومنه يعلم أن التعليق يكون بالدلالة، ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة فليحفظ ذلك رملي، والمراد بالتعليق المذكور التقييد بالشرط بقرينة الأمثلة المذكورة. (قوله أو علقه بأمر كائن إلخ) منه ما في جامع الفصولين لو قال لغريمه إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك وله عليه دين برئ لأنه علقه بشرط كائن فتنجز ا هـ. (قوله كإن أعطيته شريكي إلخ) هذا ذكره في الدرر بألفاظ فارسية وفسره الواني بذلك: والظاهر أن المراد بالبراءة هنا براءة الإسقاط فيرد عليه ما قبضه شريكه إلا أن يكون المراد الإبراء عن باقي الدين. مطلب قال لمديونه إذا مت فأنت بريء (قوله وكذا بموته إلخ) في الخانية: لو قال لمديونه إذا مت فأنت بريء من الدين جاز ويكون وصية، ولو قال: إن مت أي بفتح التاء لا يبرأ وهو مخاطرة كإن دخلت الدار فأنت بريء لا يبرأ ا هـ. وفيها: لو قالت المريضة لزوجها إن مت من مرضي هذا فمهري عليك صدقة أو أنت في حل منه فماتت فيه فمهرها عليه لأن هذه مخاطرة فلا تصح ا هـ. قلت: والفرق بين هذه المسائل مشكل فإن الموت في الأوليين محقق الوجود، فإن كان المراد بالمخاطرة هو الموت مع بقاء الدين فهو موجود في المسألتين، ولعل الفرق أن تعليقه بموت نفسه أمكن تصحيحه على أنه وصية وتعليق الوصية صحيح كما سيأتي حتى تصح من العبد بقوله إذا عتقت فثلث مالي وصية كما في وصايا الزيلعي، بخلاف تعليقه بموت المديون فإنه لا يمكن جعله وصية فبقي محض إبراء ولا يعلم أنه هل يبقى الدين إلى موته فكان مخاطرة فلم يصح، وكذلك مسألة المهر فيها مخاطرة من حيث تعليق الإبراء على موتها من ذلك المرض فإنه لا يعلم هل يكون أو لا، لكن علمت أن الوصية يصح تعليقها بالشرط، فإن قيد بما ليس فيه مخاطرة يلزم أن لا تصح هذه الوصية لو كانت لأجنبي مع أن حقيقة الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت ويصح تعليقها بالعتق كما علمت، وإن كانت المخاطرة من حيث إنه لا يعلم هل تجيز الورثة ذلك أو لا أو هل يكون أجنبيا عنها وقت الموت حتى تصح الوصية أو لا لم يبق فائدة لقولها من مرضي هذا، ويلزم منه صحة التعليق إذا قالت إن مت بدون قولها من مرضي هذا ويحتاج إلى نقل في المسألة (قوله على ما بحثه في النهر) حيث قال بعد مسألة المهر السابقة، وينبغي أنه إن أجازته الورثة يصح لأن المانع من صحة الوصية كونه وارثا ا هـ. وفيه أن المانع كونه مخاطرة كما صرح به في عبارة الخانية ط (قوله وعزل الوكيل) بأن قال له عزلتك على أن تهدي إلي شيئا، أو إن قدم فلان لأنه ليس مما يحلف به فلا يجوز تعليقه بالشرط عيني. قال في البحر، تعليله يقتضي عدم صحة تعليقه لا كونه يبطل بالشرط. وعندي أن هذا خطأ أيضا وأنه مما لا يصح تعليقه لا مما يبطل بالشرط ا هـ. ملخصا، ويدل عليه أن ما يفسد بالشرط الفاسد ما كان مبادلة مال بمال وهذا ليس منها بل هو من التقييدات كما مر فيبطل تعليقه فيكون مفرعا على القاعدة الثانية فقط فلم يكن ذكره هنا خطأ فافهم، وقيد بعزل الوكيل لأن الوكالة تخالفه حيث يصح تعليقها كما يأتي (قوله والاعتكاف) قال في البحر: عندي أن ذكره هنا خطأ لما في القنية قال: لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار ثم دخل لزمه عند علمائنا فإذا صح تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد لما في جامع الفصولين: ما جاز تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد، وكيف والإجماع على صحة تعليق المنذور من العبادات أي عبادة كانت، حتى أن الوقف كما يأتي لا يصح تعليقه بالشرط، ولو علق النذر به بشرط صح التعليق. وفي الخانية: الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه. ثم قال: وأجمعوا أن النذر لو كان معلقا قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلانا فلله علي أن أعتكف شهرا فعجل شهرا قبل ذلك لم يجز فهذه العبارة دالة على صحة تعليقه بالإجماع وهذا الموضع الثالث مما أخطئوا فيه والخطأ هنا أقبح لكثرة الصرائح بصحة تعليقه، وأنا متعجب لكونهم تداولوا هذه العبارات متونا وشروحا وفتاوى، وقد يقع كثيرا أن مؤلفا يذكر شيئا خطأ فينقلونه بلا تنبيه فيكثر الناقلون وأصله لواحد مخطئ ا هـ. وتمامه فيه. وأجاب العلامة المقدسي بأن المراد أن نفس الاعتكاف لا يعلق بالشرط لأنه ليس مما يحلف به. قال في النهر: وهو مردود بما في هبة النهاية جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد ثلاثة عشر وعد منها تعليق إيجاب الاعتكاف بالشرط ويمكن أن يجاب عنه بأن معناه ما إذا قال أوجبت علي الاعتكاف إن قدم زيد لكنه خلاف الظاهر فتدبر.ه ا هـ. ثم قال: والحق أن كلامهم هنا محمول على رواية في الاعتكاف وإن كانت الأخرى هي التي عليها الأكثر ا هـ. قلت: وفيه نظر، لما علمت من أن ما هنا مذكور في المتون والشروح والفتاوى، بل الصواب في الجواب أنه إذا كان كلامهم فيما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد علم أن مرادهم أنه لا يصح تعليق الاعتكاف بالشرط الفاسد لا بمطلق شرط، وإذا أجمعوا على أن تعليق الاعتكاف بشرط ملائم كإن شفى الله مريضي صحيح كيف يصح حمل كلامهم هنا على ما يناقضه ثم يعترض عليهم بأنهم أخطئوا وتداولوا الخطأ حتى لا يبقى لأحد ثقة بكلامهم الذي يتوافقون عليه، مع أنا نرد على من خرج عن كلامهم بما يتداولونه فإنهم قدوتنا وعمدتنا شكر الله سعيهم، بل الواجب حمل كلامهم على وفق مرامهم، وذلك كما مثل به في الحواشي العزمية بقوله فساد الاعتكاف بالشرط، بأن قال من عليه اعتكاف أيام نويت أن أعتكف عشرة أيام لأجله بشرط أن لا أصوم أو أباشر امرأتي في الاعتكاف أو أن أخرج عنه في أي وقت شئت بحاجة أو بغير حاجة يكون الاعتكاف فاسدا وتعليقه بالشرط بأن يقول نويت أن أعتكف عشرة أيام إن شاء الله تعالى ا هـ. لكن هذا تصوير لنفس الاعتكاف لا لإيجابه فيصور إيجابه بأن يقول لله علي أن أعتكف شهرا بشرط أن لا أصوم إلخ أو إن رضي زيد، وقد يقال: إن الشروع فيه موجب أيضا، فإذا شرع فيه بالنية على هذا الشرط الفاسد لم يصح إيجابه فافهم، والحمد لله على ما ألهم (قوله فإنهما ليسا مما يحلف به) هذا صحيح في عزل الوكيل، أما الاعتكاف فيحلف به بالإجماع كما علمت أفاده ح. (قوله والصحيح إلحاق الاعتكاف بالنذر) أي في صحة تعليقه بالشرط، وهذا التصحيح مأخوذ من قول النهر وإن كانت الأخرى هي التي عليها الأكثر فهو ضعيف للرواية التي مشى عليها أصحاب المتون والشروح، وقد علمت الجواب الصواب (قوله لأنهما إجارة) فيكونان معاوضة مال بمال فيفسدان بالشرط الفاسد، ولا يجوز تعليقهما بالشرط، كما لو قال زارعتك أرضي أو ساقيتك كرمي على أن تقرضني ألفا أو إن قدم زيد، وتمامه في البحر. قال الرملي: وبه يعلم فساد ما يقع في بلادنا من المزارعة بشرط مؤنة العامل على رب الأرض سواء كانت من الدراهم أو من الطعام (قوله والإقرار) بأن قال لفلان علي كذا إن أقرضتني كذا أو إن قدم فلان لأنه ليس مما يحلف به فلا يصح تعليقه بالشرط عيني. وفي المبسوط: ادعى عليه مالا فقال إن لم آتك به غدا فهو علي لم يلزمه إن لم يأت به غدا لأنه تعليق الإقرار بالخطر. وفيه لفلان علي ألف درهم إن حلف أو على أن يحلف فحلف فلان وجحد المقر لم يؤخذ به لأنه علق الإقرار بشرط فيه خطر، والتعليق بالشرط يخرجه من أن يكون إقرارا ا هـ. بحر. وظاهره أن قوله على أن يحلف تعليق لا شرط، لكن قد يطلق التعليق على التقييد بالشرط. وذكر في البحر أن ظاهر الإطلاق دخول الإقرار بالطلاق والعتق مثل إن دخلت الدار فأنا مقر بطلاقها أو بعتقه فلا يقع، بخلاف تعليق الإنشاء، ويدل على الفرق بينهما أنه لو أكره على الإنشاء به وقع أو على الإقرار به لم يقع. هذا. وقد حكى الزيلعي في كتاب الإقرار خلافا في أن الإقرار المعلق باطل أو لا. ونقل عن المبسوط ما يشهد لصحته فظاهره تصحيحه والحق تضعيفه لتصريحهم هنا بأنه لا يصح تعليقه بالشرط وأنه يبطل بالشرط الفاسد ا هـ. ملخصا. واعترضه في النهر بأنه حيث اعتمد على كلامهم هنا كان عليه التزامه في عزل الوكيل والاعتكاف. قلت: إنما لم يلتزمه فيهما بناء على ما فهمه من مخالفته لكلامهم، ولا يلزم إطراده في باقي المسائل، نعم في كون الإقرار مما يبطل بالشرط نظر لأنه ليس من المعاوضات المالية، ولم أر من صرح ببطلانه به، ولا يلزم من ذكره هنا بطلانه لما علمته مما مر مرارا أن ما ذكره المصنف من الفروع بعضه مما يبطل بالشرط وبعضه مما لا يبطل، فلا بد من نقل صريح، ولا سيما وقد اقتصر الزيلعي وغيره على ذكر أنه لا يصح تعليقه بالشرط فليراجع (قوله إلا إذا علقه بمجيء الغد) كقوله علي ألف إذا جاء غد أو رأس الشهر أو أفطر الناس، لأن هذا ليس بتعليق بل هو دعوى الأجل إلى الوقت المذكور فيقبل إقراره ودعواه الأجل لا تقبل إلا بحجة زيلعي من كتاب الإقرار (قوله أو بموته) مثل له علي ألف إن مت فهو عليه مات أو عاش لأنه ليس بتعليق لأن موته كائن لا محالة بل مراده الإشهاد عليه ليشهدوا به بعد موته إذا جحدت الورثة فهو تأكيد للإقرار زيلعي (قوله والوقف) لأنه ليس مما يحلف به، فلو قال إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين فجاء ولده لا تصير وقفا لأن شرطه أن يكون منجزا جزم به في فتح القدير والإسعاف حيث قال إذا جاء غد أو رأس الشهر أو إذا كلمت فلانا أو إذا تزوجت فلانة فأرضي صدقة موقوفة يكون باطلا لأنه تعليق والوقف لا يحتمل التعليق بالخطر. وفيه أيضا: وقف أرضه على أن له أصلها أو على أن لا يزول ملكه عنها أو على أن يبيع أصلها ويتصدق بثمنها كان الوقف باطلا، وحكي في البزازية وغيرها أن عدم صحة تعليقه رواية، والظاهر ضعفها لجزم المصنف وغيره بها نهر، وصوابه أن يقول والظاهر اعتمادها أو ضعف مقابلتها، اللهم إلا أن يكون الضمير للحكاية المفهومة من قوله وحكي تأمل، ومقتضى ما نقله عن الإسعاف ثانيا أن الوقف يبطل بالشرط الفاسد مع أنه ليس مبادلة مال بمال وأن المفتى به جواز شرط استبداله ولا يلزم من ذكر المصنف له هنا أنه مما يبطل بالشرط الفاسد لما قدمناه غير مرة، بل ذكر في العزمية أن قاضي خان صرح بأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة. ويمكن التوفيق بينه وبين ما في الإسعاف بأن الشرط الفاسد لا يبطل عقد التبرع إذا لم يكن موجبه نقض العقد من أصله، فإن اشتراط أن تبقى رقبة الأرض له أو أن لا يزول ملكه عنها أو أن يبيعها بلا استبدال نقض للتبرع (قوله لأنه صلح معنى) قال في الدرر فإنه تولية صورة وصلح معنى، إذ لا يصار إليه إلا بتراضيهما لقطع الخصومة بينهما فباعتبار أنه صلح لا يصح تعليقه ولا إضافته، وباعتبار أنه تولية يصح فلا يصح بالشك ا هـ. والظاهر أنه لا يفسد بالشرط الفاسد لأنه ليس مبادلة مال بمال (قوله عند الثاني) وعند محمد يجوز كالوكالة والإمارة والقضاء بحر (قوله كما في قضاء الخانية) ومثله في بيوع الخلاصة (قوله وبقي إبطال الأجل) بقي أيضا تعلق الكفالة بشرط غير ملائم كما سيأتي في بابها إن شاء الله تعالى والإقالة كما مر في بابها، ويأتي مثاله، والكتابة بشرط في صلب العقد كما يأتي بيانه قريبا، والعفو عن القود والإعارة ففي جامع الفصولين قال للقاتل إذا جاء غد فقد عفوتك عن القود لا يصح لمعنى التمليك. قال إذا جاء غد فقد أعرتك تبطل لأنها تمليك المنفعة، وقيل تجوز كالإجارة، وقيل تبطل الإجارة؛ ولو قال أعرتك غدا تصح العارية ا هـ. وبقي أيضا عزل القاضي في أحد القولين كما يأتي، وسيذكر الشارح أن ما لا تصح إضافته لا يعلق بالشرط (قوله ففي البزازية أنه يبطل بالشرط الفاسد) بأن قال كلما حل نجم ولم تؤد فالمال حال صح وصار حالا هكذا عبارة البزازية. واعترضها في البحر بأنها سهو ظاهر، لأنه لو كان كذلك لبقي الأجل فكيف يقول صح. وعبارة الخلاصة: وإبطال الأجل يبطل بالشرط الفاسد؛ ولو قال كلما حل نجم إلخ فجعلها مسألة أخرى وهو الصواب ا هـ. وذكر العلامة المقدسي أن العبارتين مشكلتان، وأن الظاهر أن المراد أن الأجل يبطل، وأنه إذا علق على شرط فاسد كعدم أداء نجم في المثال المذكور يبطل به الأجل فيصير المال حالا ا هـ. وحاصله أن لفظ إبطال في عبارتي البزازية والخلاصة زائد وأنه لا مدخل لذكره في هذا القسم أصلا (قوله وكذا الحجر) يوهم أنه يفسد بالشرط الفاسد وليس كذلك كما سيأتي، نعم لا يصح تعليقه بالشرط. قال في جامع الفصولين. ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الإذن؛ ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح، والقاضي لو قال لرجل قد حجرت عليك إذا سفهت لم يكن حكما بحجره، ولو قال لسفيه قد أذنت لك إذا صلحت جاز ا هـ. (قوله وما يصح ولا يبطل بالشرط الفاسد) شروع في القاعدة الثالثة المقابلة للأولى والأصل فيها ما ذكره في البحر عن الأصوليين في كتب الأصول في بحث الهزل من قسم العوارض أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة، وما لا يصح مع الهزل تبطله الشروط الفاسدة ا هـ. والمراد بقول الشارح ما يصح أي في نفسه ويلغو الشرط، وإنما زاده لكون نفي البطلان لا يستلزم الصحة لصدقه على الفساد فافهم (قوله لعدم المعاوضة المالية) أشار إلى ما قدمه في الأصل الأول من أن ما ليس مبادلة مال بمال لا يفسد بالشرط الفاسد أي ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه، وذلك فضل خال عن العوض فيكون ربا والربا لا يكون في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات (قوله وزدت ثمانية) هي الإبراء عن دم العمد، والصلح عن جناية غصب، الوديعة، وعارية إذا ضمنها إلخ والنسب والحجر على المأذون والغصب وأمان القن ط. قلت: وقدمنا أن كل ما جاز تعليقه لا يفسد بالشرط الفاسد، وسيأتي أيضا (قوله القرض) ك أقرضتك هذه المائة بشرط أن تخدمني سنة، وفي البزازية: وتعليق القرض حرام والشرط لا يلزم. والذي في الخلاصة عن كفالة الأصل والقرض بالشرط حرام ا هـ. نهر أي فالمراد بالتعليق الشرط. وفي صرف البزازية: أقرضه على أن يوفيه بالعراق فسد ا هـ. أي فسد الشرط وإلا خالف ما هنا تأمل (قوله والهبة والصدقة) كوهبتك هذه المائة أو تصدقت عليك بها على أن تخدمني سنة نهر، فتصح ويبطل الشرط لأنه فاسد وفي جامع الفصولين: ويصح تعليق الهبة بشرط ملائم كوهبتك على أن تعوضني كذا، ولو مخالفا تصح الهبة لا الشرط ا هـ. وفي حاشيته للخير الرملي. أقول يؤخذ منه جواب واقعة الفتوى: وهب لزوجته بقرة على أنه إن جاءه أولاد منها تهب البقرة لهم وهو صحة الهبة وبطلان الشرط ا هـ. وسيذكر الشارح أن الهبة يصح تعليقها بالشرط، ويأتي الكلام عليه (قوله والنكاح) كتزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويبطل الشرط ويجب مهر المثل، ومن هذا القبيل ما في الخانية تزوجتك على أني بالخيار يجوز النكاح ولا يصح الخيار لأنه ما علق النكاح بالشرط بل باشر النكاح وشرط الخيار ا هـ. وليس منه إن أجاز أبي أو رضي لأنه تعليق والنكاح لا يحتمله فلا يصح كما في الخانية وكلام النهر هنا غير محرر فتدبر. وفي الظهيرية: لو كان الأب حاضرا فقبل في المجلس جاز. قال في النهر وهو مشكل. والحق ما في الخانية ا هـ. قلت: ما في الظهيرية ذكره في الخانية أيضا عن أمالي أبي يوسف وقال إنه استحسان (قوله والطلاق) كطلقتك على أن لا تتزوجي غيري بحر. والظاهر أنه إذا قال إن لم تتزوجي غيري فكذلك، ويأتي بيانه قريبا (قوله والخلع) كخالعتك على أن لي الخيار مدة يراها بطل الشرط ووقع الطلاق ووجب المال. وأما اشتراط الخيار لها فصحيح عند الإمام كما مضى بحر (قوله والعتق) بأن قال أعتقتك على أني بالخيار بحر، وقدمنا آنفا لو أعتق أمة على أن لا تتزوج عتقت تزوجت أو لا (قوله والرهن) بأن قال رهنتك عبدي بشرط أن أستخدمه أو على أن الرهن إن ضاع ضاع بلا شيء أو إن لم أوف متاعك لك إلى كذا فالرهن لك بمالك بطل الشرط وصح الرهن بحر (قوله كجعلتك وصيا إلخ) هذا المثال أحسن مما في البحر جعلتك وصيا على أن يكون لك مائة لأن الكلام في الشرط الفاسد الذي لا يفسد العقد وما هنا صحيح نهر، وفيه نظر فإنه قال في البزازية فهو وصي والشرط باطل والمائة له وصية ا هـ. ومعنى بطلانه كما في البحر أنه يبطل جعلها شرطا للإيصاء وتبقى وصية، إن قبلها كانت له وإلا فلا ا هـ. أي فهو شرط فاسد لم يفسد عقد الإيصاء (قوله والوصية) كأوصيت لك بثلث مالي إن أجاز فلان عيني، وفيه نظر لأنه مثال تعليقها بالشرط وليس الكلام فيه. وفي البزازية: وتعليقها بالشرط جائز لأنها في الحقيقة إثبات الخلافة عند الموت ا هـ. ومعنى صحة التعليق أن الشرط إن وجد كان للموصى له المال وإلا فلا شيء له بحر ثم قال في الخانية: لو أوصى بثلثه لأم ولده إن لم تتزوج فقبلت ذلك ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فلها الثلث بحكم الوصية ا هـ. مع أن الشرط لم يوجد إلا أن يكون المراد بالشرط عدم تزوجها عقب انقضاء العدة لا عدمه إلى الموت بدليل أنه قال تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان للاحتراز عن تزوجها عقب الانقضاء ا هـ. قلت: ووجهه أنه إذا مضت مدة بعد العدة ولم تتزوج فيها تحقق الشرط فلا تبطل الوصية بتزوجها بعده، إذ لو كان الشرط عدم تزوجها أبدا لزم أن لا يوجد شرط الاستحقاق إلا بموتها، ويظهر من هذا أنه إذا قال طلقتك إن لم تتزوجي أنه إذا مضى بعد العدة زمان ولم تتزوج يتحقق الشرط، لكن فيه أن الطلاق المعلق إنما يتحقق بعد تحقق الشرط فيلزم أن يكون ابتداء العدة بعده لا قبله، فالظاهر بطلان هذا الشرط ووقوع الطلاق منجزا، ويؤيده ما مر قريبا، ومر تحقيقه في كتاب الطلاق في أول باب التعليق (قوله والشركة) فيه أنها تفسد باشتراط ما يؤدي إلى قطع الاشتراك في الربح كاشتراط عشرة لأحدهما. وفي البزازية: الشركة تبطل ببعض الشروط الفاسدة دون بعض، حتى لو شرط التفاضل في الوضيعة لا تبطل وتبطل باشتراط عشرة لأحدهما. وفيها: لو شرط صاحب الألف العمل على صاحب الألفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا ا هـ. أما لو لم يشرط العمل على أفضلهما مالا بل تبرع به. فأجاب في البحر بأن شرط الربح صحيح لأن التبرع ليس من قبيل الشرط بدليل ما في بيوع الذخيرة: اشترى حطبا في قرية وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء: احمله إلى منزلي لا يفسد لأنه كلام مبتدأ بعد تمام البيع (قوله وكذا المضاربة) كما لو شرط نفقة السفر على المضارب بطل الشرط وجازت بزازية. وفيها: ولو شرط من الربح عشرة دراهم فسدت لا لأنه شرط بل لقطع الشركة دفع إليه ألفا على أن يدفع رب المال للمضارب أرضا يزرعها سنة أو دارا للسكنى بطل الشرط وجازت، ولو شرط ذلك على المضارب لرب المال فسدت لأنه جعل نصف الربح عوضا عن عمله وأجره الدار ا هـ. وبه علم أنها تفسد ببعض الشروط كالشركة (قوله ك وليتك بلدة كذا مؤبدا) فقوله مؤبدا شرط فاسد، لأن التولية لا تقتضي ذلك لأنه ينعزل بعارض جنون أو عزل أو نحوه، ومثله وليتك على أن لا تعزل أبدا أو على أن لا تركب كما مثل به في البحر وقال فهذا الشرط فاسد ولا تبطل إمرته بهذا (قوله واختار في النهر إطلاق الصحة) حيث قال رادا على ذلك البعض. وعندي أنه لا سلف له فيه ولا دليل يقتضيه لأنه حيث صح العزل كان إلغاء للتأبيد سواء نص على الغاية أو لا (قوله صح التقييد والشرط) فإن فعل شيئا من ذلك انعزل، ولا يبطل قضاؤه فيما مضى: ولا ينفذ قضاء القاضي في خصومة زيد، ويجب على السلطان أن يفصل قضيته إن اعتراه قضية بحر عن البزازية. وفيه عنها أيضا: لو شرط في التقليد أنه متى فسق ينعزل انعزل ا هـ. قلت: وإنما صح الشرط لكونه شرطا صحيحا، والقاضي وكيل عن السلطان فيتقيد قضاؤه بما قيده به حتى يتقيد بالزمان والمكان والشخص، ومن ذلك ما إذا نهاه عن سماع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة كما سيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى (قوله والكفالة والحوالة) بأن قال كفلت غريمك على أن تقرضني كذا وأحلتك على فلان بشرط أن لا ترجع علي عند التوى نهر، يعني فتصح ويبطل الشرط. وفي البزازية: لو قال كفلت به على أني متى أو كلما طولبت به فلي أجل شهر فإذا طالبه به فله أجل شهر من وقت المطالبة الأولى فإذا تم الشهر من وقت المطالبة الأولى لزم التسليم ولا يكون للمطالبة الثانية تأجيل ا هـ. وفيه أن كلما تقتضي التكرار مقدسي، ولعله ألغى التكرار هنا لما يلزم عليه من إبطال موجب الكفالة، وحيث أمكن الإعمال فهو أولى من الإبطال تأمل، وسيذكر الشارح هذه المسألة أوائل الكفالة، ويأتي توضيحها هناك. وفي البزازية أيضا: كفل على أنه بالخيار عشرة أيام أو أكثر يصح، بخلاف البيع لأن مبناها على التوسع ا هـ. ففي هذا وفيما قبله صحت الكفالة والشرط لأنه شرط تأجيل أو خيار وكلاهما شرط صحيح، ولا يرد على المصنف لأن كلامه في الشرط الفاسد، وسيأتي في بابها أنه لا يصح تعليقها بشرط غير ملائم ويأتي هنا في كلام الشارح أيضا (قوله إلا إذا شرط إلخ) أي شرط المحال على المحال عليه أن يعطيه المال المحال به من ثمن دار المحيل. قال في البزازية: بخلاف ما إذا التزم المحتال عليه الإعطاء من ثمن دار نفسه لأنه قادر على بيع دار نفسه ولا يجبر على بيع داره، كما إذا كان قبولها بشرط الإعطاء عند الحصاد لا يجبر على الأداء قبل الأجل ا هـ. وظاهره صحة التأجيل إلى الحصاد لأنه مجهول جهالة يسيرة، بخلاف هبوب الريح كما يأتي في بابها (قوله من المحتال) صوابه المحتال عليه (قوله فليحرر) أشار إلى ما في هذا الجواب، فإن كونه وعدا لا يخرجه عن كونه شرطا مع أن فرض المسألة أنه مذكور في صلب العقد على أنه شرط، إذ لو كان بعد العقد لا على وجه الاشتراط لم يفسد العقد كما مر عند قوله والشركة، وأيضا لا يظهر به الفرق بين المسألتين، ويظهر لي الجواب بأن الحوالة قد تكون مقيدة كما لو أحال غريمه بألف الوديعة على المودع تقيدت بها حتى لو هلكت الألف برئ المحال عليه كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها، وهنا لما شرط الدفع من ثمن دار المحيل صارت مقيدة به، ولما لم يكن له قدرة على الوفاء بذلك فسدت الحوالة بمنزلة ما لو هلكت الوديعة المحال بها، ولهذا لو كان البيع مشروطا في الحوالة صحت ويجبر على البيع كما في آخر حوالة البزازية. أما لو شرط الدفع من ثمن داره صحت الحوالة لقدرته على بيع داره ولكن لا يجبر على البيع، ولو باع يجبر على الأداء لتحقق الوجوب كما في الدرر (قوله والوكالة) كوكلتك على أن تبرئني مما لك علي نهر. وفي البزازية: الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة أي شرط كان، وفيها تعليق الوكالة بالشرط جائز وتعليق العزل به باطل، وتفرع عليه أنه لو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي صح لأنه تعليق التوكيل بالعزل، ولو قال كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح لأنه تعليق العزل بالشرط بحر (قوله والإقالة) حتى لو تقايلا على أن يكون الثمن أكثر من الأول أو أقل صحت ولغا الشرط، وقد مر في بابها نهر. وذكر المصنف في بابها أنها لا تفسد بالشرط وإن لم يصح تعليقها به. وصورة التعليق كما ذكره في البحر هناك عن البزازية ما لو باع ثورا من زيد فقال اشتريته رخيصا فقال زيد إن وجدت مشتريا بالزيادة فبعه منه فوجد فباع بأزيد لا ينعقد البيع الثاني لأنه تعليق الإقالة لا الوكالة بالشرط (قوله والكتابة) بأن كاتبه على ألف بشرط أن لا يخرج من البلد أو على أن لا يعامل فلانا أو على أن يعمل في نوع من التجارة فتصح ويبطل الشرط لأنه غير داخل في صلب العقد نهر (قوله في صلب العقد) صلب الشيء: ما يقوم به ذلك الشيء وقيام البيع بأحد العوضين، فكل فساد يكون في أحدهما يكون فسادا في صلب العقد درر (قوله وعليه) أي على كون الفساد في صلب العقد ط (قوله يحمل إطلاقهم) أي إطلاق من قال إنها تبطل بالشرط الفاسد كالعمادي والأسروشني فإنهما قالا: وتعليق الكتابة بالشرط لا يجوز وإنها تبطل بالشرط، ويحمل قولهما ثانيا الكتابة بشرط متعارف وغير متعارف تصح ويبطل الشرط على كون الشرط زائدا ليس في صلب العقد، وبه يندفع اعتراض صاحب جامع الفصولين عليهما، هذا حاصل ما في الدرر. وأما ما في البحر عن البزازية: كاتبها وهي حامل على أن لا يدخل ولدها في الكتابة فسدت لأنها تبطل بالشرط الفاسد ا هـ. فالمراد به ما كان في صلب العقد، لأن استثناء حملها وهو جزء منها شرط في صلب العقد، كما لو باع أمة إلا حملها لأنها أحد العوضين فافهم (قوله وإذن العبد في التجارة) كأذنت لك في التجارة على أن تتجر إلى شهر أو على أن تتجر في كذا فيكون عاما في التجارة والأوقات ويبطل الشرط بحر (قوله كهذا الولد مني إن رضيت امرأتي) تابع البحر في ذلك مع أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بأن الكلام في الشرط الفاسد لا في التعليق، فالأولى قول النهر بشرط رضا زوجتي. وقال في العزمية: وصور ذلك في إيضاح الكرماني بأن ادعى نسب التوأمين بشرط أن لا تكون نسبة الآخر منه، أو ادعى نسب ولد بشرط أن لا يرث منه يثبت نسب كل واحد من التوأمين ويرث وبطل الشرط لأنهما من ماء واحد، فمن ضرورة ثبوت نسب أحدهما ثبوت الآخر لما عرف، وشرط أن لا يرث شرط فاسد لمخالفة الشرع والنسب ولا يفسد به ا هـ. (قوله والصلح عن دم العمد) بأن صالح ولي المقتول عمدا القاتل على شيء بشرط أن يقرضه أو يهدي إليه شيئا فالصلح صحيح والشرط فاسد، ويسقط الدم لأنه من الإسقاطات فلا يحتمل الشرط بحر (قوله ولم يذكروه اكتفاء بالصلح) إذا ليس بينهما كثير فرق، فإن الولي إذا قال للقاتل عمدا أبرأت ذمتك على أن لا تقيم في هذا البلد مثلا أو صالح معه عليه صح الإبراء والصلح، ولا يعتبر الشرط درر (قوله التي فيها القود) في المصباح: القود القصاص وبه عبر في الدرر، فلا فرق في التعبير فافهم (قوله وإلا) بأن كان الصلح عن القتل الخطأ أو الجراحة التي فيها الأرش كان من القسم الأول درر: أي لأن موجب ذلك المال فكان مبادلة لا إسقاطا (قوله وعن جناية غصب) أي مغصوب، وقوله إذا ضمنها: أي موجبات الصلح في الصور المذكورة درر، ولعل صورة المسألة لو أتلف ما غصبه أو أتلف وديعة أو عارية عنده وأراد المالك أن يضمنه ذلك فصالحه على شيء وضمن رجل موجب الصلح بشرط أن يحيله به على آخر أو يكفل به آخر صح الضمان وبطل الشرط، لكن لا يخفى أن الضمان كفالة، وقد مرت مسألة الكفالة، ولم أر من أوضح ذلك فتأمل. (قوله والنسب) تقدم تصويره في مسألة دعوى الولد (قوله والحجر على المأذون) فلا يبطل به ويبطل الشرط شرنبلالية عن العمادية، ومثله في جامع الفصولين، ولا ينافي ما قدمه عن الأشباه لأن ذاك في بطلان تعليقه بالشرط كما قدمناه (قوله والغصب) كذا ذكره في جامع الفصولين وغيره مع ذكرهم مسألة جناية الغصب المارة، وفيه أن الغصب فعل لا يقيد بشرط، فإن كان المراد ضمان الغصب بشرط فهو داخل في الكفالة فافهم (قوله وأمان القن) أقول: في السير الكبير لمحمد بن الحسن تعليق الأمان: بالشرط جائز بدليل: «أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أمن أهل خيبر علق أمانهم بكتمانهم شيئا وأبطل أمان آل أبي الجعد بكتمانهم الحلي» ا هـ. وبه يعلم أن القن ليس قيدا حموي: أي سواء كانت إضافة الأمان من إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله وفي بعض النسخ وأمان النفس (قوله وعقد الذمة) فإن الإمام إذا فتح بلدة وأقر أهلها على أملاكهم وشرطوا معه في عقد الذمة أن لا يعطوا الجزية بطريق الإهانة كما هو المشروع، فالعقد صحيح، والشرط درر (قوله وتعليق الرد بالعيب وبخيار الشرط) هكذا عبر في الكنز، وعبر في النهاية بقوله وتعليق الرد بالعيب بالشرط وتعليق الرد بخيار الشرط بالشرط، ومثله في جامع الفصولين وغيره، فعلم أن قوله بالعيب متعلق بالرد لا يتعلق، وأن المراد أن الرد بخيار عيب أو شرط يصح تعليقه بالشرط. ولا يخفى أن الكلام فيما يصح ولا يفسد تقييده بالشرط الفاسد لا فيما صح تعليقه. فكان المناسب حذف لفظة تعليق كما فعل صاحب الدرر. وقد يجاب بأن المراد بالتعليق التقييد أو أن كل ما صح تعليقه صح تقييده كما مر، وبه ظهر أنه ليس المراد ما يتوهم أن تعليق الرد بأحد الخيارين بالشرط يصح تقييده بالشرط إذا لا يظهر تصوير تقييد التعليق. ثم إنه مثل للأول في البحر بما إذا قال إن وجدت بالمبيع عيبا أرده عليك إن شاء فلان وللثاني بما إذا قال من له خيار الشرط رددت البيع أو أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح ويبطل الشرط ا هـ. تأمل وفي البحر من باب خيار الشرط ما نصه: فإن قلت: هل يصح تعليق إبطاله وإضافته؟ قلت: قال في الخانية: لو قال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان باطلا ولا يبطل خياره، وكذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لا يبطل خياره. ولو لم يكن كذلك ولكنه قال أبطلت غدا أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاء غد ذكر في الملتقى أنه يبطل خياره. قال: وليس هذا كالأول لأن هذا وقت يجيء لا محالة بخلاف الأول ا هـ. قال في البحر هناك: فقد سووا بين التعليق والإضافة في المحقق مع أنهم لم يسووا بينهما في الطلاق والعتاق. وفي التتارخانية: لو كان الخيار للمشتري فقال إن لم أفسخ اليوم فقد رضيت أو إن لم أفعل كذا فقد رضيت لا يصح ا هـ. أي بل يبقى خياره (قوله وعزل القاضي) في جامع الفصولين: ولو قال الأمير لرجل إذا قدم فلان فأنت قاضي بلدة كذا أو أميرها يجوز، ولو قال إذا أتاك كتابي هذا فأنت معزول ينعزل بوصوله وقيل لا ا هـ. وذكر في الدرر عن العمادية والأسروشنية أن الثاني به يفتى. واعترض بأن عبارة العمادية والأسروشنية قال ظهير الدين المرغيناني ونحن لا نفتي بصحة التعليق وهو فتوى الأوزجندي ا هـ. وظاهر ما في جامع الفصولين ترجيح الأول ولذا مشى عليه في الكنز والملتقى وغيرهما (قوله كعزلتك إن شاء فلان) كذا مثل في البحر. واعترض بأن هذا تعليق وليس الكلام فيه. قلت: والعجب أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بمثل هذا. وقد يجاب بأنه إذا لم يبطل بالتعليق لا يبطل بالشرط بالأولى كعزلتك على أن أوليك في بلدة كذا (قوله لما ذكرنا) أي في قوله لعدم المعاوضة المالية (قوله وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط) هذه القاعدة الرابعة، وقدمنا أنها داخلة تحت الثالثة، لما في جامع الفصولين أن ما جاز تعليقه بالشرط لا تبطله الشروط كطلاق وعتق وحوالة وكفالة ويبطل الشرط ا هـ. (قوله وهو مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها) لو حذف قوله التي يحلف بها لدخل الإذن في التجارة وتسليم الشفعة لكونها إسقاطا، ولكن لا يحلف بهما أفاده في البحر. ويدخل فيه أيضا الإبراء عن الكفالة فإنه يصح تعليقه بملائم كما مر في الإبراء عن الدين (قوله والتوليات) فيصح تعليقها بالملائم فقط، وكذا في إطلاقات وتحريضات كما مر في الأصل الثاني (قوله وتسليم الشفعة) أي لأنه إسقاط محض كما علمت فيصح تعليقه. هذا وفي شفعة الهداية عند قوله وإذا صالح من شفعته على عوض بطلت ورد العوض، لأن حق الشفعة لا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشرط فبالفاسد أولى. واعترضه في العناية بما قال محمد في الجامع الصغير: لو قال سلمت الشفعة في هذه الدار إن كنت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فهذا ليس بتسليم لأنه علقه بشرط وصح، لأن تسليم الشفعة إسقاط محض كالطلاق فصح تعليقه بالشرط ا هـ. قال الطوري في تكملة البحر: وقد يفرق بحمل ما في الهداية على التي تدل على الإعراض والرضا بالمجاورة مطلقا والثاني على خلافه فيفرق بين شرط وشرط ا هـ. [تنبيه] لا يخفى أن هذا كله في التسليم بعد وجوبها. وبقي ما لو قال الشفيع قبل البيع إن اشتريت فقد سلمتها هل يصح أم لا؟ بحث فيه الخير الرملي بقوله لا شبهة في أنه تعليق الإسقاط قبل الوجوب بوجود سببه، ومقتضى قولهم التعليق بالشرط المحض يجوز فيما كان من باب الإسقاط المحض، وقولهم المعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده وقولهم من لا يملك التنجيز لا يملك التعليق إلا إذا علقه بالملك أو سببه صح التعليق المذكور لأنه إسقاط، وقد علقه بسبب الملك فكأنه نجزه عند وجوده، لكن أورد في الظهيرية إشكالا على كون تسليم الشفعة إسقاطا محضا، وهو ما ذكره السرخسي في باب الصلح عن الجنايات من أن القصاص لا يصح تعليق إسقاطه بالشرط، ولا يحتمل الإضافة إلى الوقت وإن كان إسقاطا محضا، وهذا لا يرتد برد من عليه القصاص، ولو أكره على إسقاط الشفعة لا يبطل حقه قال وبه تبين أن تسليم الشفعة ليس بإسقاط محض وإلا لصح مع الإكراه كسائر الإسقاطات ا هـ. قال الرملي: وعليه لا يصح التعليق قبل الشراء كالتنجيز قبله والمسألة تقع كثيرا، والذي يظهر عدم صحة التعليق ا هـ. (قوله وحرر المصنف دخول الإسلام في القسم الأول) أي ما لا يصح تعليقه بالشرط وذلك حيث ذكر أولا أن الإسلام لا بد فيه بعد الإتيان بالشهادتين من التبري كما علمت تفاصيله في الكتب المبسوطة. ويؤخذ عدم صحة تعليقه بالشرط من قولهم بعد صحة تعليق الإقرار بالشرط. وتحقيقه أن الإسلام تصديق بالجنان وإقرار باللسان وكلاهما لا يصح تعليقه بالشرط، ومن المعلوم أن الكافر الذي يعلق إسلامه على فعل شيء غالبا يكون شيئا لا يريد كونه فلا يقصد تحصيل ما علق عليه. وقد ذكر الزيلعي وغيره أن الإسلام عمل، بخلاف الكفر فإنه ترك، ونظيره الإقامة والصيام، فلا يصير المقيم مسافرا، ولا الصائم مفطرا، ولا الكافر مسلما بمجرد النية لأنه فعل، ويصير مقيما وصائما وكافرا بمجرد النية لأنه ترك، فإذا علقه المسلم على فعل. والظاهر أنه مختار في فعله فيكون قاصدا للكفر فيكفر بخلاف الإسلام ا هـ. (قوله ودخول الكفر هنا) أي فيما يصح تعليقه. وفيه أن كلام المصنف كما سمعته آنفا ليس فيه تعرض لدخول الكفر في هذا القسم بل فيه ما ينافيه وهو أنه يصير كافرا بمجرد النية لأنه ترك: أي ترك العمل والتصديق فيتحقق في الحال قبل وجود المعلق عليه، ولو صح تعليقه لما وجد في الحال فافهم (قوله ويصح تعليقه هبة) في البزازية من البيوع تعليق الهبة ب " أن " باطل، وب " على ": إن ملائما كهبته على أن يعوضه يجوز؛ وإن مخالفا بطل الشرط وصحت الهبة ا هـ. بحر. وهذا مخالف ما ذكره الشارح، لأن كلامه في صحة التعليق بأداة الشرط لا في التقييد بالشرط، لأن هذا تقدم في المتن حيث ذكر الهبة فيما لا يبطل بالشرط الفاسد فافهم، لكن في البحر أيضا عن المناقب عن الناصحي: لو قال إن اشتريت جارية فقد ملكتها منك يصح، ومعناه إذا قبضه بناء على ذلك ا هـ. أي إذا قبض الموهوب له الموهوب بناء على التمليك يصح مع أنه معلق بإن، وهو خلاف ما في البزازية مع إطلاق بطلانه، ولعله قول آخر يجعل التعليق بالملائم صحيحا كالتقييد تأمل (قوله وحوالة وكفالة) في البزازية من البيوع، وتعليق الكفالة إن متعارفا كقدوم المطلوب يصح، وإن شرطا محضا كإن دخل الدار أو هبت الريح لا والكفالة إلى هبوب الريح جائزة والشرط باطل، ونص النسفي أن الشرط إن لم يتعارف تصح الكفالة ويبطل الشرط والحوالة كهي ا هـ. بحر (قوله وإبراء عنها) كإن وافيت به غدا فأنت بريء كما قدمناه في مسألة الإبراء عن الدين (قوله بملائم) قيد للأربعة. [تتمة] بقي مما يصح تعليقه دعوة الولد كإن كانت جاريتي حاملا فمني وكذا الوصية والإيصاء والوكالة والعزل عن القضاء فهذه نص في البحر عليها في أثناء شرحها ونبهنا على ذلك والإبراء عن الدين إذا علق بكائن أو بمتعارف كما مر وذكر في جامع الفصولين مما يصح تعليقه إذن القن وكذا النكاح بشرط علم للحال وكذا تعليق الإمهال أي تأجيل الدين غير القرض إن علق بكائن ولو قال بعته بكذا إن رضي فلان جاز البيع والشرط جميعا ولو قال بعته منك إن شئت فقال قبلت تم البيع وقدمنا تقييد مسألة البيع بما إذا وقته بثلاثة أيام وذكر خلافا في صحة تعليق القبول. مطلب ما يصح إضافته وما لا تصح (قوله وما تصح إضافته إلخ) شروع فيما يضاف وما لا يضاف بعد الفراغ من الكلام على التعليق، ولم أر من ذكر لذلك ضابطا، وسيأتي بيانه ثم الفرق بين التعليق والإضافة: هو التعليق يمنع المعلق عن السببية للحكم فإن نحو أنت طالق سبب للطلاق. في الحال، فإذا قال أنت طالق إن دخلت الدار منع انعقاده سببا للحال وجعله متأخرا إلى وجود الشرط، فعند وجوده ينعقد سببا مفضيا إلى حكمه وهو الطلاق. وأما الإيجاب المضاف مثل أنت طالق غدا فإنه ينعقد سببا للحال لانتفاء التعليق المانع من انعقاد السببية، لكن يتأخر حكمه إلى الوقت المضاف إليه فالإضاقة لا تخرجه عن السببية بل تؤخر حكمه بخلاف التعليق، فإذا قال إن جاء غد فلله علي أن أتصدق بكذا لا يجوز له التصدق قبل الغد لأنه لا تعجيل قبل السبب، ولو قال لله علي أن أتصدق بكذا غدا له التعجيل قبله لأنه بعد السبب لأن الإضافة دخلت على الحكم لا السبب، فهو تعجيل للمؤجل وتفرع عليه ما لو حلف لا يطلق امرأته فأضاف الطلاق إلى الغد حنث وإن علقه لم يحنث، هذا حاصل ما ذكروه في كتب الأصول. وللمحقق ابن الهمام في التحرير أبحاث في الفرق بينهما ذكرها ابن نجيم في شرح المنار في فصل الأدلة الفاسدة. وقال: والفرق بينهما من أشكل المسائل. (قوله الإجارة) في جامع الفصولين: ولو قال آجرتك غدا فيه اختلاف والمختار أنها تجوز ثم في الإجارة المضافة إذا باع أو وهب قبل الوقت يفتى بجواز ما صنع وتبطل الإجارة، فلو رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل الوقت عادت الإجارة، ولو عاد إليه بملك مستقبل لا تعود الإجارة. وفي فتاوى ظهير الدين لو قال آجرتك هذه رأس كل شهر بكذا يجوز في قولهم (قوله وفسخها) في العزمية على الخانية أن الفتوى عليه. وفي الشرنبلالية: المعتمد اختيار عدم الصحة، وهو المذكور في الكافي، واختيار ظهير الدين ا هـ. ففيه اختلاف التصحيح (قوله والمزارعة والمعاملة) فإنهما إجارة، حتى إن من يجيزهما لا يجيزهما إلا بطريقها ويراعى فيهما شرائطها درر (قوله والمضاربة والوكالة) فإنهما من باب الإطلاقات والإسقاطات فإن تصرف المضارب والوكيل قبل العقد والتوكيل في مال المالك والموكل كان موقوفا حقا للمالك فهو بالعقد والتوكيل أسقطه فيكون إسقاطا فيقبل التعليق درر أي وإذا قبل التعليق يقبل الإضافة بالأولى، لأن التعليق يمنع السببية، بخلاف الإضافة كما علمت. وبه اندفع اعتراض المصنف في المنح بأن الكلام في الإضافة لا في التعليق، لكن لم أر من صرح بصحة التعليق في المضاربة، ولعله أراد بالتعليق التقييد بالشرط فإنهم يطلقون عليه لفظ التعليق تأمل. (قوله والكفالة) لأنها من باب الالتزامات فتجوز إضافتها إلى الزمان وتعليقها بالشرط الملائم درر (قوله والإيصاء) أي جعل الشخص وصيا والوصية بالمال فإنهما لا يفيدان إلا بعد الموت فيجوز تعليقهما وإضافتهما درر (قوله والقضاء والإمارة) فإنهما تولية وتفويض محض فجاز إضافتهما درر (قوله والطلاق والعتاق) فإنهما من باب الإطلاقات والإسقاطات وهو ظاهر درر (قوله والوقف) فإن تعليقه إلى ما بعد الموت جائز درر، والكلام فيه كما مر في المضاربة والوكالة (قوله وبقي العارية والإذن في التجارة) قال في جامع الفصولين الذي جمع فيه الفصول العمادية والفصول الأسروشنية: تبطل إضافة الإعارة، بأن قال إذا جاء غد فقد أعرتك لأنها تمليك المنفعة، وقيل تجوز، ولو قال أعرتك غدا تصح وقال قبله ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الإذن، ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح ا هـ. وأنت خبير بأن الكلام في الإضافة ولفظ إذا جاء غد تعليق ويسمى إضافة باعتبار ذكر الوقف فيه لا حقيقة، ولذا فرق في مسألة الإعارة بين ذكر إذا وعدمه، فعد الإذن في التجارة هنا تبعا للقهستاني غير ظاهر تأمل. وفي جامع الفصولين إذا قال أبطلت خياري غدا بطل خياره وقدمنا فيما يصح تعليقه أن إسقاط القصاص لا يحتمل الإضافة إلى الوقت (قوله لأنها تمليكات إلخ) كذا في الدرر. وقال الزيلعي آخر كتاب الإجارة لأنها تمليك وقد أمكن تنجيزها للحال فلا حاجة إلى الإضافة بخلاف الفصل الأول لأن الإجارة وما شاكلها لا يمكن تمليكه للحال وكذا الوصية، وأما الإمارة والقضاء فمن باب الولاية والكفالة من باب الالتزام ا هـ. قلت: ويظهر من هذا ومما ذكرناه آنفا عن الدرر أن الإضافة تصح فيما لا يمكن تمليكه للحال وفيما كان من الإطلاقات والإسقاطات والالتزامات والولايات، ولا تصح في كل ما أمكن تمليكه للحال تأمل (قوله لما فيه من القمار) هو المراهنة كما في القاموس، وفيه المراهنة، والرهان المخاطرة. وحاصله أنه تمليك على سبيل المخاطرة. ولما كانت هذه تمليكات للحال لم يصح تعليقها بالخطر لوجود معنى القمار (قوله وبقي الوكالة) الظاهر أنه سبق قلم وصوابه التحكيم فإنه الذي فيه خلاف أبي يوسف. قال في البزازية وتعليق كونه حكما بالخطر أو الإضافة إلى مستقبل صحيح عند محمد خلافا للثاني والفتوى على الثاني ا هـ. وهكذا قدمه الشارح قبيل ما لا يبطل بالشرط الفاسد، وكيف يصح عد الوكالة هنا وقد ذكرها المصنف تبعا للكنز والوقاية فيما تصح إضافته وكذا في جامع الفصولين وغيره، وكذا تقدم أنها مما لا يفسد بالشرط وبه صرح في الكنز وغيره بل قدمنا جواز تعليقها بالشرط فكيف لا تصح إضافتها، نعم بقي فسخ الإجارة على أحد التصحيحين كما قدمناه آنفا، والله سبحانه أعلم.
|